التفاسير

< >
عرض

أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فِيهِ ظُلُمَٰتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَٰبِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِم مِّنَ ٱلصَّوَٰعِقِ حَذَرَ ٱلْمَوْتِ وٱللَّهُ مُحِيطٌ بِٱلْكَٰفِرِينَ
١٩
يَكَادُ ٱلْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَٰرَهُمْ كُلَّمَا أَضَآءَ لَهُمْ مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَآ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَٰرِهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٢٠
-البقرة

تفسير كتاب الله العزيز

ثم ضرب مثلاً آخر فقال: { أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ }. يقول هذا المثل أيضاً مثل المنافق. والصيِّب المطر. ذكروا عن النبي عليه السلام أنه " كان إذا استسقى قال:اللهم صيّباً هيّناً" وهو تفسير مجاهد: { فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ } قال [بعضهم]: كان المنافقون إذا أصابوا في الإِسلام رخاء وطمأنينة طابت أنفسهم في ذلك وسروا به في حال دنياهم، وإذا أصابتهم فيه شدة لم يصبروا عليها ولم يرجوا عاقبتها. فالظلمات هي الشدة، والرعد هو التخوّف إذا تخوّفوا أن تأتيهم شدّة. والمطر فيه الرزق، وتكون فيه الظلمة والرعد والبرق، فضرب الله ذلك مثلاً، والبرق مَثَل نور الإِسلام في تفسير الحسن. وقال ابن عباس: هو نور القرآن. وهو واحد.
{ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي ءَاذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ } وهذا كراهية من المنافقين للجهاد لأنهم لم تكن لهم حسبة في الشهادة والجهاد في سبيل الله.
قال الله: { وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرينَ }. يقول: والله محيط بالمنافقين، وهو كفر دون كفر الشرك. يقول: هو من وراء المنافقين حتى يخزيهم بنفاقهم وكفرهم.
قوله: { يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُم مَّشَوْا فِيهِ } أي مضوا فيه { وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا } [أي بقوا لا يبصرون]، يعني بذلك المنافقين يقول: إن المنافقين إذا رأوا في الإِسلام رخاء وطمأنينة طابت أنفسهم بذلك وسرّوا به في حال الدنيا، وإذا أصابتهم شدة قطع بهم عند ذلك فلم يصبروا على بلائها، ولم يحتسبوا أجرها، ولم يرجوا عاقبتها. قال: { وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ } حين أقروا ولم يوفوا. { إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }.