التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِيۤ أَنْفُسِهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
٢٣٤
وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ ٱلنِّسَآءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِيۤ أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَـٰكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً وَلاَ تَعْزِمُوۤاْ عُقْدَةَ ٱلنِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْكِتَابُ أَجَلَهُ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِيۤ أَنْفُسِكُمْ فَٱحْذَرُوهُ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ
٢٣٥
-البقرة

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً }. وفي العشر ينفخ في الولد الروح. نسخت هذه الآية الآية التي بعدها في التأليف: { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَِزْوَاجِهِم مَّتَاعاً إِلَى الحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ } [البقرة:240] وهذه قبل هذه في التنزيل، ووضعت في هذا الموضع. قال الحسن: وكان جبريل عليه السلام يأتي النبي عليه السلام فيقول: يا محمد، إن الله يأمرك أن تضع آية كذا بين ظهراني كذا وكذا من السورة كذا. وذكروا عن ابن عباس وعثمان بن عفان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينزل عليه الثلاث الآيات والأربع الآيات والخمس الآيات جميعاً، أو أقل من ذلك أو أكثر، فيقول: اجعلوا آية كذا وكذا في سورة كذا وكذا في موضع كذا وكذا، واجعلوا آية كذا وكذا في سورة كذا وكذا في موضع كذا وكذا.
ذكروا عن عبد الله بن مسعود أنه قال: نسخ من هذه الآية الحاملُ المتوَفَّى عنها زوجُها فقال في سورة النساء القصرى:
{ وَأُوْلاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } [الطلاق:4].
وذكروا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل أبي بن كعب عن عدّة الحامل المتوفّى عنها زوجها فقال: أجلها أن تضع حملها؛ فقال: أقاله رسول الله؟ قال: نعم. وقال ابن عباس وعلي: أجلها أبعد الأجلين. ويقول ابن عباس وعلي: بهذا نأخذ وعليه نعتمد. وإنما قول الله: { وَأُوْلاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } في المطلقات دون المتوفى عنهن أزواجهن.
قوله: { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } أي انقضاء العدة { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } أي: فلا إثم عليكم { فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالمَعْرُوفِ } يعني التزويج { وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }.
قوله: { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ } أي: أسررتم وأضمرتم.
ذكر مجاهد عن ابن عباس قال: التعريض ما لم ينصب للخطبة. وقال عكرمة: التعريض أن يقول: إنك في نفسي، وما يقدَّر من أمر يكن. وقال الحسن: يقول: احبسي نفسك علي، فإني أفعل بك كذا وكذا، وأصدقك كذا وكذا.
قال: { عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً }. قال بعض المفسّرين: لا يأخذ ميثاقها في عدّتها أن لا تنكح غيره، نهى الله عن ذلك وعن الفاحشة والخضع من القول. وقال مجاهد: لا يقول: لا تفوتيني بنفسك فإني أنكحك. وقال الحسن: { لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً } هو الزنا.
قوله: { إِلاَّ أَن تَقُولُوا قَوْلاً مَّعْرُوفاً } هو التعريض ما لم ينصب للخطبة.
قوله: { وَلاَ تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الكِتَابُ أَجَلَهُ } قال: حتى تنقضي العدة. { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ } يقول: احذروا أن تخفوا في أنفسكم شيئاً من الزنا في تفسير الحسن: أو تزوّجوهن في العدّة، وفي جميع الأشياء بعد.