التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ جَآءَكُمْ مُّوسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ
٩٢
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ
٩٣
قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ عِندَ ٱللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ
٩٤
وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمينَ
٩٥
-البقرة

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَلَقَدْ جَاءَكُم مُّوسَى بِالبَيِّنَاتِ } يعني أوليهم { ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ } قد فسَّرنا أمر العجل قبل هذا الموضع.
قوله: { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا ءَاتَيْنَاكُم بَقُوَّةٍ } وقد فسّرناه قبل هذا الموضع.
قوله: { وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا } سمعنا ما تقول، وعصينا أمرك. { وَأُشْرِبُوا فَِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ }. قال الحسن: ليس كلهم تاب وقَبِل ذلك: فمن لم يتب فهم الذين بقي حبُّ العجلَ في قلوبهم، وهم الذين قال الله فيهم:
{ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا... } [الأعراف:152].
قوله: { قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُم بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }. أي لو كان الإِيمان في قلوبكم لحجزكم عن عبادة العجل. يقول: بئسما يأمركم به إيمانكم أن تعبدوا العجل. وهو مثل قوله:
{ وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ البَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً } [الأنفال:35] وأشباه ذلك يقول: إن كنتم مؤمنين فإن إيمانكم لا يأمركم بعبادة العجل. ثم رجع إليهم لقولهم: { لَن يَدْخُلَ الجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى } [البقرة:111]، ولقولهم: { لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً } [البقرة: 80]. فقال:
{ قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِندَ اللهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } أي أنكم من أهل الجنة حتى تدخلوا الجنة بزعمكم. قال: { وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } أي: بما أسلفوا من الأعمال الخبيثة، لأنهم يعلمون أنهم معذَّبون، يعني به الخاصة الذين جحدوا وكفروا حسداً وبغياً من بعد ما تبيّن لهم. { وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ }.