التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ
١٠١
لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا ٱشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ
١٠٢
لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ هَـٰذَا يَوْمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ
١٠٣
يَوْمَ نَطْوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ
١٠٤
-الأنبياء

تفسير كتاب الله العزيز

قوله عز وجل: { إِنَّ الذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا } أي: صوتها في قول الحسن. وقال ابن عباس: حسيسها: حسّها. قال: ولا صوتاً. وإنها تلظّى على أهلها.
قوله عز وجل: { وَهُمْ فِيمَا اشْتَهَت أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ }.
قال بعضهم: بلغنا أن أهل الجنة يكون في أحدهم الطعام فيخطر على قلبه طعام آخر، فيتحوّل في فيه ذلك الطعام الذي اشتهى. وقال في آية أخرى:
{ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [الزخرف: 71].
قوله تعالى: { لاَ يَحْزُنُهُمُ الفَزَعُ الأَكْبَرُ } أي: النفخة الآخرة. قال بعضهم: إذا أيقن أهل النار بالخلود، فعند ذلك يقولون:{ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا } أي من النار
{ فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ } . [المؤمنون: 107] فيقول الله: { قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } [المؤمنون: 107-108]. فإذا قال ذلك أطبقت عليهم فلم يخرج منهم أحد، فذلك قوله: { الفَزَعُ الأَكْبَرُ }.
قوله: { وَتَتَلَقَّاهُمُ المَلآئِكَةُ } قال الحسن: تتلقاهم بالبشارة حين يخرجون من قبورهم، وتقول لهم: { هَذَا يَوْمُكُمُ الذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }.
قوله: { يَوْمَ نَطْوِي السَّمَآءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ } يعني كطيّ الصحيفة التي فيها الكتاب.
ذكروا عن الحسن قال: إن السماء تطوى من أعلاها كما يطوي الكاتب الصحيفة من أعلاها إذا كتبت.
قوله عزّ وجل: { كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ } أي: كذلك نعيده.
وقال الكلبي إذا أراد الله تبارك وتعالى أن يبعث الموتى أعاد الناس كُلَّهم نطفاً [ثم علقاً ثم مضغاً] ثم عظاماً ثم لحماً، ثم ينفخ فيه أرواحهم. كذلك كان بدؤهم.
ذكروا عن عبد الله بن مسعود أنه قال: ينزل الله مطراً كمني الرجال فتنبت به جسمانهم ولحمانهم كما تنبت الأرض الندى، ثم تلا هذه الآية:
{ واللهُ الذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ } [فاطر: 9] أي: كذلك البعث.
قوله تعالى: { وَعْداً عَلَيْنَآ } أي: وعداً كائناً، أي: البعث { إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ } أي: إنا نحن فاعلون.