التفاسير

< >
عرض

وَجَعَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ
٣١
وَجَعَلْنَا ٱلسَّمَآءَ سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ
٣٢
وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ
٣٣
-الأنبياء

تفسير كتاب الله العزيز

قوله عز وجل: { وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ } يعني الجبال { أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ } أي لئلا تحرك بهم. { وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً } أي: أعلاماً طرقاً { لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } أي: لكي يهتدوا.
قوله عز وجل: { وَجَعَلْنَا السَّمَآءَ سَقْفاً مَّحْفُوظاً } [على من تحتها] محفوظاً من كل شيطان رجيم؛ كقوله:
{ وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } [الحجر: 17] وإنما كانت ها هنا محفوظاً لأنه قال عز وجل: سقفاً محفوظاً، فوقع الحفظ فيها على السقف. وفي الآية الأخرى على السماء. قال بعضهم: سقف محفوظ، وموج مكفوف.
قوله عز وجل { وَهُمْ عَنْ ءَايَاتِهَا } أي: الشمس والقمر والنجوم { مُعْرِضُونَ } لا يتفكرون فيما يرون فيها فيعرفون أن لهم معاداً فيؤمنوا. وقد قال عز وجلّ في آية أخرى: { قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الأَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ }.
قوله عز وجل: { وَهُوَ الذِي خَلَقَ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ }.
ذكروا أن السماء خلقت مثل القبّة، وأن الشمس والقمر والنجوم ليس منها شيء لازق بالسماء، وأنها تجري في فلك دون السماء، وأن أقرب الأرض إلى السماء بيت المقدس باثني عشر ميلاً، وأن أبعد الأرض من السماء الأُبلّة.
ذكروا عن عبد الله بن عمرو قال: الشمس والقمر وجوههما إلى السماء واقفاؤهما إلى الأرض يضيئان في السماء كما يضيئان في الأرض. ثم تلا هذه الآية:
{ أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً وَجَعَلَ القَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً } [نوح: 15-16].
ذكروا أنه قيل لعبد الله بن عمرو: ما بال الشمس تصلانا أحياناً وتبرد أحياناً؟ قال: أما في الشتاء فهي في السماء الخامسة، وأما في الصيف فهي في السماء السابعة، قيل له: فما كنا نراها إلا في هذه السماء الدنيا، قال: لو كانت في هذه السماء الدنيا لم يقم لها شيء.
ذكر بعضهم قال: إن الشمس أدنيت من أهل الأرض في الشتاء لينتفعوا بها، ورفعت في الصيف لئلا يؤذيهم حرها.
قوله: { كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } قال مجاهد: يدورون كما يدور فلك المغزل. وقال بعضهم: يجرون كهيئة حديد الرحى. وقال الحسن: إن الشمس والقمر والنجوم في طاحونة بين السماء والأرض كهيئة فلكة المغزل يدورون فيها؛ ولو كانت ملتزقة بالسماء لم تجر.
وقال الكلبي: (يَسْبَحُونَ): يجرون. وقال مجاهد في قوله عز وجل:
{ الشَّمْسُ وَالقَمَرُ بِحُسْبَانٍ } [الرحمن: 5] قال: حسبان كحسبان الرحى، يعني قطب الرحى الذي تدور عليه الرحى.