قوله: { لَّوْلآ } أي: هلاّ { إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ المُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ
خَيْراً } أي: بإخوانهم خيراً كما كانوا يظنّون بأنفسهم. أي: لو كانوا مكان صفوان ما
كان منهم إلا خير. أي: فليظنّ المسلم بأخيه ما يظنّ بنفسه.
فهذا عظة وأدب للمؤمنين قائمان إلى يوم القيامة، إن اتَّعَظُوا بعظة الله، وتأدّبوا
بأدب الله الذي أمرهم به، وتقدّم إليهم فيه.
قال: { وَقَالُوا هذَآ إِفْكٌ مُّبِينٌ } أي: كذب بيّن. أي: هلاّ ظنّوا بانفسهم خيراً،
وهلاّ قالوا: هذا إفك مبين، أي: ما خاض فيه القوم.
ثم قال: { لَّوْلاَ } أي: هلاّ { جَآءُو عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ } أي: إن كانوا
صادقين، وليسوا بصادقين. { فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَآءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الكَاذِبُونَ }.
قوله: { وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ } فضل الله الإِسلام ورحمته القرآن.
{ لَمَسَّكُمْ فِي مَآ أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } في الدنيا والآخرة. والإِفاضة فيه ما كان
يلقى الرجل أخاه فيقول: أما بلغك من أمر عائشة وصفوان.
قوله: { إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ } أي: يرويه بعضكم عن بعض { وَتَقُولُونَ
بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ }.
ذكروا عن الحسن أنه قال: القذف قذفان: أحدهما أن تقول: إن فلانة زانية،
فهذا فيه الحدّ. والآخر أن تقول: قال الناس إن فلانة زانية، فليس في هذا حد.
قوله: { وَلَوْلآ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَآ } [أي: لا ينبغي لنا] { أَن
نَّتَكلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ } أي: كذب عظيم. وإذا عظّم الله شيئاً فهو
عظيم.
ثم قال: { يَعِظُكُمُ اللهُ } [أي: ينهاكم الله] { أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنتُم
مُّؤْمِنِينَ } فاتّعظوا بعظة الله فيما وعظكم، وتأدَّبوا بأدب الله فيما أدّبكم. { وَيُبَيِّنُ اللهُ
لَكُمُ الأَيَاتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } أي: عليم بخلقه، حكيم في أمره.