التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً
٤٦
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ لِبَاساً وَٱلنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ ٱلنَّهَارَ نُشُوراً
٤٧
وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً طَهُوراً
٤٨
لِّنُحْيِـيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَآ أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً
٤٩
وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُواْ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً
٥٠
-الفرقان

تفسير كتاب الله العزيز

قال: { ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً } أي: يسيراً علينا. كقوله: { إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ } [العنكبوت: 19]. وقال مجاهد: { سَاكِناً } لا تصيبه الشمس ولا يزول. { ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً } أي: تحويه. { ثُم قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً } أي: حَوَى الشمس إياه. وقال بعضهم: وذلك حين يقوم العمود نصف النهار حين لا يكون ظل؛ فإذا زالت الشمس رجع الظل فازداد حتى تغيب الشمس.
قوله: { وَهُوَ الذِي جَعَلَ لَكُمُ الّيْلَ لِبَاساً } يعني سكناً يسكن فيه الخلق { وَالنَّوْمَ سُبَاتاً } أي: يسبت فيه النائم حتى لا يعقل. { وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً } أي: ينتشر فيه الخلق لمعايشهم ولحوائجهم ولتصرّفهم.
قوله: { وَهُوَ الذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشُراً } أي: تلقح السحاب { بَيْنَ يَدَي رَحْمَتِهِ } أي: بين يدي المطر. [قال: { وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَاءً } يعني المطر، { طَهُوراً } للمؤمنين بتطهرون به من الأحداث والجنابة.
قال: { لِنُحْيِيَ بِهِ } أي: بالمطر { بَلْدَةً مَّيْتاً } اليابسة التي ليس فيها نبات. { وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَآ أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ } يعني المطر { لِيَذَّكَّرُوا }.
ذكروا عن ابن عباس قال: ما عام بأكثر مطراً من عام، أو قال: ماء، ولكن الله يصرفه حيث يشاء] ثم تلا هذه الآية: { وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا } قال الحسن: فيكونوا متذكرين بهذا المطر فيعلمون أن الذي أنزل هذا المطر الذي يعيش به الخلق وينبت به النبات في الأرض اليابسة قادر على أن يحيي الموتى.
قوله: { فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً } يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا، مطرنا بنوء كذا.
ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"لو حبس الله المطر عن أمتي عشر سنين، ثم صبه عليهم لأصبحت طائفة من أمتي يقولون: مطرنا بنوء مذحِج" .
ذكر الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا يدعهن الناس: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالأنواء" .