{قَالَ} نوح: {رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً} أي: اقض
بيني وبينهم، وإذا قضى الله بين النبي وبين قومه هلكوا. {وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِي مِنَ
المُؤمِنِينَ} وهذا حيث أمر بالدعاء عليهم، فاستجيب له، فأهلكهم الله ونجاه ومن
معه من المؤمنين.
قال: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الفُلْكِ المَشْحُونِ} والمشحون: الموقر بحمله
مما حمل نوح في السفينة من كل زوج اثنين ومن معه من المؤمنين. كان معه امرأته
وثلاث بنين له: سام وحام ويافث ونساؤهم؛ فجميعهم ثمانية.
قال: {ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ} أي: بعد من أنجى في السفينة {البَاقِينَ} وهم قوم
نوح. وفيها تقديم: ثم أغرقنا الباقين بعدُ.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لأَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤمِنِينَ وَإنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمُ}
وهي مثل الأولى.
قوله: {كَذَّبَتْ عَادٌ المُرْسَلِينَ} يعني هوداً. ومن كذّب رسولاً واحداً فقد
كذّب المرسلين كلهم. {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ} أي: أخوهم في النسب، وليس
بأخيهم في الدين {أَلاَ تَتَّقُونَ} أي: الله؛ يأمرهم أن يتقوا الله {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ
أَمِينٌ} أي: على ما جئتكم به {فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ} أي: على ما
جئتكم به {مِن أَجْرٍ إِنَ أَجْرِيَ} أي: ثوابي {إِلاَّ عَلَى رَبِّ العَالَمِينَ}.
{أَتَبْنُونَ}، على الاستفهام، أي: قد فعلتم {بِكُلِّ رِيعٍ} أي: بكل طريق
في تفسير بعضهم، قال مجاهد: بكل فج، أي: طريق بين جبلين {ءايَةً} اي:
علماً {تَعْبَثُونَ} أي: تلعبون. قال: {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ} أي: البناء، في تفسير
الحسن. وقال الكلبي: القصور، ويقال: مصانع للماء {لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} أي: في
الدنيا، أي: لا تخلدون فيها. وقال بعضهم في بعض القراءة: وتتّخذون مصانع
كأنكم تخلدون.