التفاسير

< >
عرض

ٱرْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ
٣٧
قَالَ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ
٣٨
قَالَ عِفْرِيتٌ مِّن ٱلْجِنِّ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ
٣٩
قَالَ ٱلَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ ٱلْكِتَابِ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِيۤ أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ
٤٠
-النمل

تفسير كتاب الله العزيز

{ ارْجِع إِلَيْهِمْ } يعني الرسل { فَلَنَأتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُم بِهَا } أي: لا طاقة لهم بها { وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ }.
قوله: { قَالَ يَآ أَيُّهَا المَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأتِينِي بِعَرْشِهَا } أي: بسريرها { قَبْلَ أَن يَأتُونِي مُسْلِمِينَ }. وذلك أنه لما بلغ سليمان أنها جائية، وكان قد ذكر له سريرها فأعجبه. [وكان عرشها من ذهب، وقوائمه لؤلؤاً وجوهراً. وكان مُستّراً بالديباج والحرير، وكانت عليه سبعة مغاليق، فكره أن يأخذه بعد إسلامها] وقد علم أنهم متى أسلموا تحرم أموالهم مع دمائهم، فأحب أن يؤتى به قبل أن يكون ذلك من أمرهم. فقال: { يَآ أيُّهَا المَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأتُونِي مُسْلِمِينَ }. قال الكلبي: { قَبْلَ أَن يَأتُونِي مُسْلِمِينَ } قبل أن يأتوني مقرّين بالطاعة.
{ قَال عِفْرِيتٌ مِنَ الجِنِّ } أي: مارد من الجن، والعفريت لا يكون إلا الكافر: { أَنَا ءَاتِيكَ بِهِ } أي: بالسرير. { قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ }، ومقامه مجلسه الذي يقضي فيه. أي: لا يفرغ من قضيته حتى يؤتى به، فأراد صلى الله عليه وسلم ما هو أعجل من ذلك. { وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ }.
فـ { قَالَ الذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِنَ الكِتَابِ } وكان رجلاً من بني إسرائيل يقال له: اصف بن برخيا، يعلم اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب: يا ذا الجلال والإِكرام، والمنن العظام والعز الذي لا يرام. هذا تفسير اسمه الأعظم، والله أعلم.
قَالَ { أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ } وطرفه أن يبعث رسولاً إلى منتهى طرفه فلا يرجع حتى يؤتى به.
فدعا الرجل باسم الله: { فَلَمَّا رَءَاهُ } يعني رأى سليمان السرير { مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُونِي ءَأشْكُرُ أمْ أَكْفُرُ }. أي: أشكر نعمة الله أم أكفرها. { وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ }.
ذكر ابن عباس قال: إن صاحب سليمان الذي عنده علم من الكتاب كان يحسن الاسم الأكبر؛ فدعا به؛ وكان بينه وبين السرير مسيرة شهرين، فلما أتى به ورآه سليمان مستقرّاً عنده كأنه وقع في نفسه مثل الحسد له. ثم فكّر فقال: أليس هذا الذي قدر على ما لم أقدر عليه مسخّراً لي. { هذا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي ءَأَشْكُرُ أمْ أَكْفُرُ }. وقال بعضهم: هو جبريل الذي قال: أنا آتيك به.