التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَنتَ بِهَادِي ٱلْعُمْيِ عَن ضَلالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ
٨١
وَإِذَا وَقَعَ ٱلْقَوْلُ عَلَيْهِم أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَآبَّةً مِّنَ ٱلأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ ٱلنَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ
٨٢
-النمل

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَمَآ أَنتَ بِهَادِي العُمْيِ عَن ضَلاَلَتِهِمْ } يعني الذين يموتون على كفرهم { إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُّؤمِنُ بِآياتِنَا } أي: من أراد الله أن يؤمن منهم { فَهُم مُّسْلِمُونَ } وهذا سمع القبول. وأما الكافر فتسمع أذناه ولا يقبله قلبه.
قوله: { وَإِذَا وَقَعَ القَوْلُ عَلَيْهِمُ } أي: حق القول عليهم، والقول: الغضب. { أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَآبَّةً مِّنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ } [وفي بعض القراءة: تُحدِّثهم] { أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لاَ يُوقِنُونَ }.
ذكروا عن ابن عباس أنه كان يقول: إنها دابة ذات زغب وريش لها أربع قوائم تخرج من بعض أودية تهامة.
ذكروا عن ابن عمرو أنه قال: تخرج الدابة من مكة من صخرة بشعب أجياد. قال: فإذا خرجت الدابة فزع الناس إلى الصلاة؛ فتأتي الرجل وهو يصلي فتقول له: طوِّل ما أنت مُطوِّل، فوالله لأَخطِمَنَّكَ. قال: فيومئذ يعرف المنافق من المؤمن. قال عبد الله بن عمرو: لو أشاء أن أضع قدمي على مكانها الذي تخرج منه لفعلت.
ذكر الحسن أن موسى عليه السلام سأل ربه أن يريه الدابة، دابة الأرض، فخرجت إليه ثلاثة أيام ولياليها لا يرى أطرافها، أو لا يرى واحداً من طرفيها، فرأى منظراً كريهاً، فقال: ربِّ، رُدَّها فرجعت.
ذكروا عن أبي الطفيل قال: كنا جلوساً عند حذيفة فذكروا الدابة فقال حذيفة: إنها تخرج ثلاث خَرْجات: مرّة في بطن الوادي، ثم تكمن. ثم تخرج في بعض القرى حتى تذكر، ويهريق فيها الأمراء الدماء. فبينما الناس على أعظم المساجد وأفضلها وأشرفها، يعني المسجد الحرام، إذ ترفع الأرض ويهرب الناس، وتبقى عصابة من المؤمنين يقولون: لن ينجينا من أمر الله شيء، فتخرج فتجلو وجه المؤمن، وتخطم وجه الكافر، لا يدركها طالب، ولا ينجو منها هارب. قالوا: وما الناس يومئذ يا حذيفة؟ قال: جيران في الرِّبَاع، شركاء في الأموال، أصحاب في الأسفار.
ذكروا عن عبد الله بن عمرو قال: يبيت الناس يسيرون إلى جمع وتبيت الدابة تسري إليهم فيصبحون قد جعلتهم بين رأسها وذنبها، فما تمرّ بمؤمن إلا تمسحه، ولا بكافر ولا منافق إلا تخطمه، وإن التوبة اليوم لمفتوحة.
ذكروا عن عبد الله بن عمرو قال: لا تقوم الساعة حتى يجتمع أهل البيت على الإِناء الواحد يعرفون مؤمنيهم من كافريهم. قال: تخرج دابة الأرض فتمسح كل إنسان على مسجَده؛ فأما المؤمن فتكون نكتة بيضاء فتفشو في وجهه حتى يبيضّ لها وجهه، وأما الكافر فتكون نكتة سوداء حتى يسودّ وجهه؛ حتى أنهم ليتبايعون في أسواقهم فيقول هذا: كيف تبيع هذا يا مؤمن، ويقول هذا: كيف تأخذ هذا يا كافر. فما يرد بعضهم على بعض.
قوله: { تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ } أي: المشركين { كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ } وبعضهم يقرأها: { تَكْلِمُهم } أي: تجرحهم. وبعضهم يقول: تَسِمُهم.