التفاسير

< >
عرض

قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَآ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلْغَالِبُونَ
٣٥
فَلَمَّا جَآءَهُم مُّوسَىٰ بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُواْ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ
٣٦
وَقَالَ مُوسَىٰ رَبِّيۤ أَعْلَمُ بِمَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ ٱلدَّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ
٣٧
وَقَالَ فِرْعَوْنُ يٰأَيُّهَا ٱلْملأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يٰهَامَانُ عَلَى ٱلطِّينِ فَٱجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّيۤ أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ
٣٨
-القصص

تفسير كتاب الله العزيز

{ قَالَ } الله تعالى: { سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً } أي: حجة { فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآياتِنَآ أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الغَالِبُونَ }.
فانطلق موسى إلى فرعون، وأوحى الله إلى هارون أن يستقبل أخاه فاستقبله. فأتيا باب فرعون، فقالا للبواب: اذهب فأخبر فرعون أن بالباب رسولَ ربّ العالمين. فدخل عليه البوّاب فقال: إن بالباب رجلاً مجنوناً يزعم أنه رسول ربّ العالمين. فقال له فرعون: أتعرفه فقال له: لا، ولكن معه هارون. وكان هارون عندهم معروفاً. وكان موسى قد غاب عنهم زماناً من الدهر. قال فرعون: اذهب فأدخله. فدخل عليه، فعرفه، في تفسير الحسن. وقال بعضهم: كأنه عرف وجهه ولم يثبته. فقال: من أنت؟ فقال: أنا رسول ربّ العالمين. فقال: ليس عن هذا أسألك، ولكن من أنت وابن من أنت؟ فقال: أنا موسى بن عمران. وكان قد ربّاه في حجره حتى صار رجلاً؛ فقال له فرعون:
{ { أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ } أي: وأنت لا تدّعي شيئاً من هذه النبوّة { { وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ التِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الكَافِرِينَ } [الشعراء: 18-19] أي: لنعمتنا، أي: فيما ربّيناك.
قال الله: { فَلَمَّا جَآءَهُم مُّوسَى بِآياتِنَا } أي: بحجتنا { بَيِّنَاتٍ } أي: واضحات { قَالُوا مَا هذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرىً وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي ءَابَآئِنَا الأَوَّلِينَ }.
{ وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَآءَ بِالْهُدَى مِنْ عِندِهِ } أي: إنني أنا جئت بالهدى من عنده { وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ } أي: المشركون، أي: لا يَدْخُلونَ الجنة، والمفلحون هم أهل الجنة.
{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَآأَيُّهَا الْمَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إلهٍ غَيْرِي } أي: تعمداً منه للكذب. { فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ } أي: فاطبخ لي آجُرّاً، فكان أول من طبخ الآجرّ. { فَاجْعَل لِّي صَرْحاً } أي: فابن لي صرحاً { لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إلهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ } فبنى له صرحاً عالياً، وقد علم فرعون أن موسى رسول الله، وهذا منه كذب. قال الله:
{ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً } [النمل: 14].