التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
٤٣
وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ وَمَا كنتَ مِنَ ٱلشَّاهِدِينَ
٤٤
وَلَكِنَّآ أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ
٤٥
وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَـٰكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
٤٦
وَلَوْلاۤ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٤٧
-القصص

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى الكِتَابَ } يعني التوراة { مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا القُرُونَ الأُولَى بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } أي: لكي يتذكروا. فكانت التوراة أول كتاب نزل فيه الفرائض والحدود والأحكام. قوله: { مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا القُرُونَ الأُولَى } أي: قرناً بعد قرن، كقوله: على مقرأ هذا الحرف: { وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَآ أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ } [هود: 102].
قوله: { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الغَرْبِيِّ } [أي: غربي] الجبل { إِذْ قَضَيْنَآ إِلَى مُوسَى الأَمْرَ } أي: الرسالة. { وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ } أي: لم تكن شاهداً يومئذ لذلك.
قال: { وَلَكِنَّآ أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ العُمُرُ } كان بين عيسى ومحمد عليهما السلام خمسمائة سنة. وبعضهم يقول: ستمائة سنة. { وَمَا كُنتَ ثَاوِياً } أي: ساكناً { فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَايَاتِنَا } [قال بعضهم: أي: لم تكن يا محمد مقيماً بمدين فتعلم كيف كان أمرهم فتخبر أهل مكة بشأنهم وأمرهم]. { وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ }. كقوله:
{ أَمْراً مِّن عِندِنَآ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } [الدخان: 5].
قال: { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا } أي: نودي: يا أمة محمد، أجبتكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني. قال: { وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً } يعني قريشاً { مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } أي: لكي يتذكروا.
قوله: { وَلَوْلآ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ } يعني المشركين { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِم } أي: بالذي هم عليه من الشرك. والمصيبة في هذا الموضع العذاب. يقول: ولو عذّبناهم لاحتجّوا وقالوا: { فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلآ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ ءَايَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ }. فقطع الله عذرهم بمحمد فكذَّبوه.