التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِّن شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
١٢
وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ
١٣
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ ٱلطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ
١٤
فأَنْجَيْناهُ وأَصْحَابَ ٱلسَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَآ آيَةً لِّلْعَالَمِينَ
١٥
-العنكبوت

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا } الذي نحن عليه { وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ } أي: فيما اتبعتمونا فيه، أي: ما كان فيه من إثم فهو علينا، وهذا منهم إنكار للبعث والحساب. قال الله: { وَمَا هُم بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُم } أي: من خطايا المؤمنين { مِّن شَيْءٍ } لو اتبعوهم { إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } أي: لا يحملون خطاياهم.
قال: { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ } يعني آثامهم، أي آثام أنفسهم { وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ } أي: يحملون مثل ذنوب من اتبعهم على الضلالة، ولا ينقص ذلك من ذنوب من اتبعوهم شيئاً.
ذكروا عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أيما داع دعا إلى هدى فاتبع عليه كان له مثل أجر من اتبعه ولا ينقص من أجورهم شيئاً. وأيما داع دعا إلى ضلالة فاتبع عليها كان عليه وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيئاً
"
. ذكروا عن ابن مسعود في قوله: { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } [الانفطار: 5] مثل حديث الحسن عن النبي عليه السلام.
قال:
"{ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ القِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ } [أي: يكذبون ويخترعون]" .
قوله: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً } يقول: ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث فيهم، أي: من يوم بعث إلى يوم مات ألف سنة إلا خمسين عاماً. وبلغنا عن كعب أنه قال: لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، وبقي بعدهم بعد الطوفان ستمائة سنة. قوله: { فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ } أي: الماء، فأغرقهم الله { وَهُمْ ظَالِمُونَ }. أي: وهم مشركون ظالمون لأنفسهم؛ وظلموا أنفسهم، أي: ضروا أنفسهم.
قوله: { فَأَنجَيْنَاهُ } يعني نوحاً { وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ } يعني من كان معه في السفينة { وَجَعَلْنَاهَا } يعني السفينة { ءَايَةً } أي: عبرة { لِّلْعَالَمِينَ }.
قال بعضهم: أبقاها الله بباقردى من أرض الجزيرة حتى أدركها أوائل هذه الأمة؛ وكم من سفينة كانت بعدها فصارت رماداً. قال بعضهم: بلغنا أنهم كانوا يجدون من مساميرها بعدما بعث النبي عليه السلام.