التفاسير

< >
عرض

الۤـمۤ
١
أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوۤاْ أَن يَقُولُوۤاْ آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ
٢
وَلَقَدْ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْكَاذِبِينَ
٣
-العنكبوت

تفسير كتاب الله العزيز

{ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ } قوله: { الۤـمۤ } قد فسرناه في أول سورة البقرة { أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا ءَامَنَّا } أي: صدقنا { وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ } أي: بالجهاد في سبيل الله، وبالفرائض التي أمرهم الله بها وابتلاهم بها.
وهم قوم كانوا بمكة ممن أسلم وأجاب النبي عليه السلام إلى دينه؛ كان قد وضع عنهم النبي عليه السلام الجهاد، والنبي بالمدينة بعدما افترض عليه الجهاد، وقبل منهم أن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، ولا يجاهدوا. ثم افترض عليهم الجهاد، وأمرهم به، وأذن لهم فيه، وذلك حين أخرجهم أهل مكة فقال:
{ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتِلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } [الحج: 39]. فلما أمروا بالجهاد كره قوم القتال فقال الله: { { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القِتَالُ } أي: فلما فرض عليهم القتال { { إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا القِتَالَ } أي: لم فرضت علينا القتال { { لَوْلاَ } أي: هلاَّ { أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ } [النساء: 77]، وأنزل الله في هذه الآية في أول السورة: { الۤـمۤ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا ءَامَنَّا } أي: صدقنا فقط { وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ } أي: وهم لا يبتلون بالجهاد في سبيل الله.
قوله: { وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي: ولقد ابتلينا الذين من قبلهم، أي: بعد تصديقهم وإقرارهم { فَليَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا } أي: أهل الوفاء والاستكمال لما ابتلاهم الله به من الأعمال، { وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ } أي: أهل الخيانة والكذب فيما ابتلوا به من الأعمال وهم المنافقون. وهذا علم الفَعال.
قوله: { فلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا } أي: الذين آمنوا فاعلين الجهاد ولِكُلِّ ما تعبّدهم به من طاعته، وليعلَمَنَّ المنافقين التاركين للجهاد ولكثير مما تعبّدهم به. وقد علم الله ذلك قبل أن يفترض عليهم ما افترض أنهم سيفعلون وسيتركون، ولكنه قال: وليعلمنّكم كاذبين فاعلين وتاركين.