قال: { فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ } أي في عيسى { مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ فَقُلْ
تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل
لَّعْنَتَ اللهِ عَلَى الكَاذِبِينَ }.
قال الكلبي: "ثم عادوا إلى النبي عليه السلام فقالوا: هل سمعت بمثل
صاحبك؟ قال: نعم. قالوا: من هو؟ قال: آدم، خلقه الله من تراب { ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن
فَيَكُونُ }. قالوا: إنه ليس كما تقول. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: { تَعَالَوْا نَدْعُ
أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ }، أي نتلاعن،
{ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللهِ عَلَى الكَاذِبِينَ }. أي: منا ومنكم. قالوا: نعم، نلاعنك. فخرج
رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذاً بيد علي وفاطمة والحسن والحسين؟ فهمّوا أن يلاعنوه؛ ثم
نكثوا، وعلموا أنهم لو فعلوا لوقعت اللعنة عليهم، فصالحوه على الجزية" .
وقال بعضهم: ذكر لنا أن نبي الله دعا وفد نجران من النصارى، وهم الذين
حاجّوه، فنكصوا وأبوا. فذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لقد كاد العذاب أن ينزل على
أهل نجران. والذي نفسي بيده لو فعلوا لاستؤصلوا عن جديد الأرض" .
وذكر لنا أن سيدي أهل نجران وأسقفهم لقيا نبي الله فسألاه عن عيسى فقالا
له: كل آدمي له أب، فما شأن عيسى لا أب له؟ فأنزل الله: { إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللهِ
كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ الحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّنَ
المُمْتَرِينَ }... إلى آخر الآية. ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لقد كاد العذاب يُدلَى
على أهل نجران" .
قوله: { إِنَّ هَذَا لَهُوَ القَصَصُ الحَقُُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللهُ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ العَزِيزُ
الحَكِيمُ }. قوله: { فَإِن تَوَلَّوْا } أي عما جاء به النبي عليه السلام { فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ
بِالْمُفْسِدِينَ } أي بالمشركين. والمفسدون في هذا الموضع هم المشركون.