التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱلْفُلْكَ تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ بِنِعْمَتِ ٱللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ
٣١
وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَّوْجٌ كَٱلظُّلَلِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ
٣٢
يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ وَٱخْشَوْاْ يَوْماً لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ
٣٣
-لقمان

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ } أي: أنعم الله بها على خلقه { لِيُرِيَكُم مِّنْ ءَايَاتِهِ } أي: جريُ السفن من آياته { إِنَّ فِي ذَلِكَ لأَيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ }، وهو المؤمن.
قوله: { وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ } أي: كالجبال. وقال في آية أخرى:
{ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ } [هود: 42]. وقال في آية أخرى: { وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ } [الأعراف: 171]. قال: { دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } [يعني التوحيد] { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ } وهذا المؤمن. وأما الكافر فعاد في غدره. قال: { وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ } أي: غدّار { كَفُورٍ }. يقول: أخلص لله في البحر للمخافة من الغرق، ثم غدَر فأشرك. كقوله: { فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } [العنكبوت: 65].
قوله: { يَآأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً } أي: واتقوا يوماً، يعني العقاب فيه { لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ } أي: لا يفديه من عذاب الله { وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً } أي: لا يفتديه من عذاب الله { إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ } يعني البعث والحساب، والجنة والنار. { فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ الغَرُورُ } وهي تقرأ على وجهين: الغَرور والغُرور. فمن قرأها الغَرور فهو يريد الشيطان، ومن قرأها الغُرور فهو يريد غُرور الدنيا، [وهو أباطيلها]، كقوله:
{ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الغُرُورِ } [الحديد: 20].