التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُواْ ٱلْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَآ إِلاَّ يَسِيراً
١٤
وَلَقَدْ كَانُواْ عَاهَدُواْ ٱللَّهَ مِن قَبْلُ لاَ يُوَلُّونَ ٱلأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ ٱللَّهِ مَسْئُولاً
١٥
قُل لَّن يَنفَعَكُمُ ٱلْفِرَارُ إِن فَرَرْتُمْ مِّنَ ٱلْمَوْتِ أَوِ ٱلْقَتْلِ وَإِذاً لاَّ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً
١٦
-الأحزاب

تفسير كتاب الله العزيز

قال: { وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا } أي: [لو دخل عليهم أبو سفيان ومن معه] من أقطارها، أي: من نواحيها، يعني المدينة. { ثُمَّ سُئِلُوا } أي: طلبت منهم { الفِتْنَةَ } أي: الشرك { لأَتَوْهَا } أي: لجاءوها. رجع [الضمير] إلى الفتنة، وهي الشرك على تفسير من قرأها خفيفة؛ ومن قرأها مثقلة ممدودة { لآتوها } أي: لاعطوها، يعني الفتنة، وهي الشرك، لأعطوها إياهم. { وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَآ إِلاَّ يَسِيراً }.
وهذه الآية تقضي بين المختلفين، تنفي عن المنافقين الشرك، إن أبقى الله أهل الفراق ولم يكابروا عقولهم؛ إذ يقول: { وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لأَتَوْهَا }، يعني المنافقين، والفتنة تعني الشرك، { لأَتَوْهَا } أي: لجاءوها ولأعطوها. فكيف يُسألُون الشركَ وهم عليه، وكيف يجيئون إلى الشرك ويعطونه من طلبه منهم وهم عليه، فليتّق اللهَ أهلُ الفراق لنا وليعلموا أن المنافقين ليسوا بمشركين، وقد برّأهم الله من الشرك في هذه الآية وأخبر أنهم لو دخل عليهم من أقطارها، يعني من نواحيها، ثم سئلوا الفتنة أي: الشرك لأتوها، أي: لأعطوها ولأتوه. ما أبين هذا بنعمة الله وبحمده.
قوله: { وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللهَ مِن قَبْلُ لاَ يُوَلُّونَ الأَدْبَارَ } ذكروا أن جابر بن عبد الله قال:
"بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا نفرّ ولم نبايعه على الموت" . { وَكَانَ عَهْدُ اللهِ مَسْئُولاً } أي: يسألهم الله عن ذلك العهد الذي لم يُوفِّ به المنافقون.
قال: { قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذَاً لاَّ تُمَتَّعُونَ } أي: في الدنيا { إِلاَّ قَلِيلاً } أي: إلى آجالكم.