التفاسير

< >
عرض

يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ فَيَطْمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً
٣٢
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ وَأَقِمْنَ ٱلصَّلاَةَ وَآتِينَ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِعْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيـراً
٣٣
-الأحزاب

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { يَا نِسَآءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَآءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ } ثم استأنف الكلام فقال: { فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ } قال الكلبي: هو الكلام الذي فيه ما يهوى المريب. وقال الحسن: فلا تكلّمن بالرفث. وكان أكثر ما يصيب الحدودَ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم المنافقون.
قال: { فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } قال بعضهم: المرض ها هنا الزنا. وقال بعضهم: النفاق. { وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً }. وهذا تبع الكلام الأول: { فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ }.
قال: { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } وهي تقرأ على وجهين: وقِرن وقَرن. فمن قرأها: { وَقَرْنَ } بالفتح، فهو من القرار، ومن قرأها { وقِرْنَ } بالكسر فمن قِبَل الوقار. قال: { وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى } أي: قبلكم، في تفسير الحسن. وليس يعني أنها كانت جاهلية قبلها، كقوله:
{ عَاداً الأُولَى } [النجم: 50] أي: قبلكم. وبعضهم يقول: الجاهلية التي ولد فيها إبراهيم من قبل الجاهلية التي ولد فيها محمد صلى الله عليه وسلم.
ذكروا عن الحسن أنه قال في تفسيرها: تكون جاهلية أخرى. ذكروا عن محمد ابن سيرين قال: لا تقوم الساعة حتى يُعبَد ذو الخَلَصة، فإنه كان كبير الأوثان في الجاهلية. وذكروا عن عبد الله بن عمر قال: تنفخ النفخة الأولى وما يعبد الله يومئذ في الأرض.
قال: { وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ } أي: المفروضة، أي: الصلوات الخمس على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها. { وَءَاتِينَ الزَّكَاةَ } أي: المفروضة. { وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ } أي: في كل ما تعبَّدكن به من قول أو عمل.
{ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ } أي: الشيطان الذي يدعوكم إلى المعاصي. وبعضهم يقول: الرجس، يعني الإِثم الذي ذُكر في هذه الآيات. { وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } أي: من الذنوب.
ذكروا عن أنس بن مالك قال:
"إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمر بباب علي وفاطمة ستة أشهر وإذا خرج إلى صلاة الفجر يقول: الصلاة يا أهل البيت، { إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }" قال بعضهم: بلغنا أن هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أم سلمة.