التفاسير

< >
عرض

ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوۤاْ آبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ فِي ٱلدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَـٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً
٥
ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ إِلاَّ أَن تَفْعَلُوۤاْ إِلَىٰ أَوْلِيَآئِكُمْ مَّعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً
٦
-الأحزاب

تفسير كتاب الله العزيز

قال: { ادْعُوهُمْ لأَِبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللهِ } أي: هو أعدل عند الله { فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا ءَابَآءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ } أي: قولوا وليُّنا فلان، وأخونا فلان. { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ } أي: حرج، أي: إثم { فِيمَآ أَخْطَأْتُم بِهِ } أي: إن أخطأ الرجل بعد النهي فنسبه إلى الذي تبنّاه ناسياً فليس عليه في ذلك إثم. { وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ } أي: أن تدعوهم إلى غير آبائهم الذين ألحقهم الله بهم متعمّدين لذلك. وهو تفسير الحسن.
وقال مجاهد: { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُم بِهِ } أي: ما كان قبل النهي في هذا وغيره [{ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ } أي: بعد النهي في هذا وغيره] { وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً }.
قوله: { النَّبِيُّ أوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ }. قال مجاهد: هو أبوهم { وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } [أي: في التحريم مثل أمهاتهم: ذكروا عن مسروق عن عائشة أن امرأة قالت لها: يا أُمَّهْ. فقالت: لست لك بأم، إنما أنا أُمُّ رجالكم].
قال: { وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ في كِتَابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ }. وقد كان نزل قبل هذه الآية في سورة الأنفال:
{ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا } [الأنفال: 72] فتوارث المسلمون بالهجرة. وكان الأعرابي المسلم لا يرث من قريبه المهاجر المسلم شيئاً فنسختها هذه الآية: { وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ }، فخلط الله المؤمنين بعضهم ببعض فصارت المواريث بالملل.
ذكروا عن أبي أمامة الباهلي قال: لا يتوارث أهل ملتين شتى.
ذكروا عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
" لا يرث الكافر المسلم، ولا المسلم الكافر
"
. ذكروا عن الزهري أن أبا طالب مات وترك طالباً وجعفراً وعليّاً وعقيلاً فورثه طالب وعقيل، ولم يرثه جعفر ولا علي.
قال: { إِلاَّ أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَآئِكُم } أي: إلى قراباتكم من أهل الشرك { مَّعْرُوفاً } يعني بالمعروف الوصية. قال بعضهم: جازت لهم الوصيّة ولا ميراث لهم.
ثم رجع إلى قوله: { وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ } فقال: { كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً } أي: مكتوباً، أي: لا يرث كافر مسلماً. وقد قال عليه السلام:
" لا يرث المسلم الكافر
"
.