التفاسير

< >
عرض

أَفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ فِي ٱلْعَذَابِ وَٱلضَّلاَلِ ٱلْبَعِيدِ
٨
أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ ٱلأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ
٩
وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يٰجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَٱلطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ ٱلْحَدِيدَ
١٠
أَنِ ٱعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي ٱلسَّرْدِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
١١
-سبأ

تفسير كتاب الله العزيز

{ أَفْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ } أي: جنون. قال الله: { بَلِ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالأَخِرَةِ فِي الْعَذَابِ } أي: في الآخرة { وَالضَّلاَلِ } أي: في الدنيا { البَعِيدِ } الذي لا يصيبون منه خيراً في الدنيا ولا في الآخرة. وقال بعضهم: البعيد من الهدى. وقال بعضهم: (الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ) أي: الشقاء الطويل.
قال الله: { أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم } أي: حيثما قام الإِنسان فإن بين يديه من السماء والأرض مثل ما خلفه منها. { إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ السَّمَآءِ } والكسف: القطعة. والكسف مذكر؛ والقطعة مؤنثة، والمعنى على القطعة. قال: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لأَيَةً } أي: لعبرة { لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ }. وهو المقبل إلى الله بالإِخلاص له.
قوله: { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً } يعني النبوة { يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ } أي: سبّحي معه { وَالطَّيْرَ }. وهو قوله:
{ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ } [الأنبياء: 79].
قال: { وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ } ألانه الله له، فكان يعمل بلا نار ولا مطرقة بأصابعه الثلاث كهيئة الطين بيده { أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ } وهي الدروع { وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ } أي: لا تعظم المسمار وتصغر الحلقة فتنقسم الحلقة، ولا تعظّم الحلقة وتصغر المسمار فينكسر المسمار.
وبلغنا أن لقمان حضر داوود عند أول درع عملها، فجعل يتفكر فيما يريد بها ولا يدري ما يريد بها. فلم يسأله؛ حتى إذا فرغ منها داوود قام فلبسها فقال لقمان: الصمت حكمة، وقليل فاعله.
قال: { وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } أي: لا يغيب عن الله من أعمالهم شيء.