{ قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } [قال بعضهم: تكلّم بأول هذه الآية أهل
الضلالة وبآخرها أهل الإِيمان. قال أهل الضلالة: { يَاوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا }].
قال المؤمنون: { هذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ }. ذكروا عن الحسن عن
أبي بن كعب مثل ذلك.
ذكروا عن زيد بن أسلم قال: قال الكافر: { مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا }. قالت
الملائكة: { هذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ }.
وقال بعضهم يقول: هم الملائكة الذين يكتبون أعمال العباد.
قولهم: { مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } هو ما بين النفختين لا يعذّبون في قبورهم ما بين
النفختين. ويقال: إنها أربعون سنة؛ فلذلك قالوا: { يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا }.
وذلك أنه إذا نفخ في الصور النفخة الأولى قيل له: اخمد، فيخمد إلى النفخة
الآخرة.
ذكروا عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بين النفختين أربعون الأولى يميت
الله بها كل شيء، والآخرة يحيي الله بها كل ميت." وبلغنا عن عكرمة قال: النفخة
الأولى من الدنيا، والنفخة الثانية من الآخرة. وقال الحسن: القيامة اسم جامع يجمع
النفختين جميعاً.
قوله تعالى: { إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً } يعني ما كانت إلا صيحة واحدة. { فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ } أي: المؤمنون والكافرون جميعاً { لَّدَيْنَا } أي: عندنا
{ مُحْضَرُونَ }.
قال: { فَاليَوْمَ } يقوله يومئذ { لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }.
فأخبر بمصير أهل الإِيمان وأهل الكفر فقال: { إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ }
يعني في الآخرة { فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ } قال بعضهم: { فِي شُغُلٍ } في افتضاض
العذارى. قال: { فَاكِهُونَ } أي: مسرورون في تفسير الحسن. وبعضهم يقول: معجبون.