التفاسير

< >
عرض

سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ
٥٨
وَٱمْتَازُواْ ٱلْيَوْمَ أَيُّهَا ٱلْمُجْرِمُونَ
٥٩
أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يٰبَنِيۤ ءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ ٱلشَّيطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ
٦٠
وَأَنِ ٱعْبُدُونِي هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ
٦١
وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُواْ تَعْقِلُونَ
٦٢
هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ
٦٣
ٱصْلَوْهَا ٱلْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ
٦٤
ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
٦٥
-يس

تفسير كتاب الله العزيز

قوله عز وجل: { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } قال بعضهم: يأتي الملك من عند الله إلى أحدهم فلا يدخل عليه حتى يستأذن عليه، يطلب الإِذن من البواب الأول فيذكره للبوّاب الثاني، ثم كذلك حتى ينتهي إلى البواب الذي يليه، فيقول له البواب: ملك على الباب يستأذن، فيقول: ائذن له؛ فيدخل بثلاثة أشياء: بالسلام من الله، وبالتحفة والهدية، وبأن الله عنه راض. وهو قوله: { وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً } [الإِنسان: 20].
قوله: { وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ } أي: المشركون والمنافقون، أي: تمايزوا عن أهل الجنة إلى النار. وقال بعضهم: عزلوا عن كل خير.
قوله تعالى: { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي ءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ } أي: إنهم عبدوا الأوثان بما وسوس إليهم الشيطان، فأمرهم بعبادتهم، فإنما عبدوا الشيطان. قال: { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }.
قال: { وَأَنِ اعْبُدُونِي } أي: لا تشركوا بي شيئاً { هذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } أي: هذا دين مستقيم. والصراط الطريق السهل إلى الجنة.
قال: { وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً } أي: خلقاً كثيراً، أضل من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين. قال: { أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ }. وأخبر عنهم فقال في آية أخرى:
{ { وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ } [الملك:10] أي: لو كنا نسمع أو نعقل لآمنا في الدنيا فلم نكن من أصحاب السعير. قال الله: { فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السَّعِيرِ } [الملك:11].
قوله: { هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } أي: في الدنيا إذا لم تؤمنوا { اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } أي: في الدنيا.
{ الْيَوْمَ } يعني في الآخرة { نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } أي: يعملون.
ذكروا عن أبي موسى الأشعري قال: قالوا والله ما كنا مشركين، فختم الله على أفواههم، ثم قال للجوارح: انطقي، قال: إن أوّلَ ما يتكلم من أحدهم فخذه. قال الحسن [بن دينار: نسيت] اليسرى قال أم اليمنى. وتفسير الحسن: إن هذا آخر مواطن يوم القيامة، فإذا ختمت أفواههم لم يكن بعد ذلك إلا دخول النار.