قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ} يعني المشركين {فَاسْتَبَقُوا
الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ} أي: لو نشاء لأعميناهم فاستبقوا الصراط، أي: الطريق،
{فَأَنَّى يُبْصِرُونَ} أي: فكيف يُبْصرون إذا أعميناهم.
قال: {وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ} أي: لو نشاء لأقعدناهم على
أرجلهم. {فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيّاً وَلاَ يَرْجِعُونَ} أي: إذا فعلنا ذلك بهم لم
يستطيعوا أن يتقدّموا ولا يتأخروا.
قال: {وَمَن نُّعَمِّرْهُ} أي: إلى أرذل العمر. {نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ} فيكون
بمنزلة الصبيّ الذي لا يعقل. وهو كقوله: { وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً } [الحج: 5] قال: {أَفَلاَ يَعْقِلُونَ} يقوله للمشركين. أي:
فالذي خلقكم، ثم جعلكم شبّاناً، ثم جعلكم شيوخاً، ثم نكسكم في الخلق فردّكم بمنزلة الطفل الذي لا يعقل قادر على أن يبعثكم يوم القيامة.
قوله: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ} يعني النبي عليه السلام {وَمَا يَنبَغِي لَهُ} أي: أن
يكون شاعراً ولا يروي الشعر.
ذكروا عن عائشة أنها قالت: لم يتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيت شعر قط؛ غير أنه
أراد أن يتمثّل ببيت شاعر بني فلان فلم يُقِمه. قال بعضهم: أظنُّه الأعشى، وبعضهم
يقول: طرفة بن العبد.
ذكروا عن أبان العطار أو غيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قاتل الله طرفة حيث يقول:
سَتُبْدِي لَكَ الأَيَّامُ مَا كُنْتَ جَاهِلاً وَيَأتِيكَ من لم تزوّد بالأخبار
فقيل له: إنه قال: وَيأتِيكَ بِالأَخْبَارِ مَن لَّمْ تُزَوِّدِ فقال: هذا وذاك سواء.
وقال بعضهم: هو شعر لعباس بن مرداس تمثل ببيت منه فلم يُقِمه. وهو
قوله:
أَتَجْعَلَ نَهْبِي وَنَهْبَ العُبَيْـ ـدِ بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالأَقْرَعِ
فقال النبي عليه السلام: "أتجعل نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة." فقال له
أبو بكر: بين عيينة والأقرع. فقال النبي عليه السلام: "هذا وذاك سواء." فلم ينطق
لسانه بالشعر. وأداره مراراً فلم ينطق به. فأنزل الله: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ}
أي: أن يكون شاعراً.
قال: {إِنْ هُوَ} يعني ما هو {إِلاَّ ذِكْرٌ} يذكرون به الجنة. وقال بعضهم:
إن هو إلا تفكر في ذات الله. {وَقُرْءَانٌ مُّبِينٌ} أي: بيّن.