التفاسير

< >
عرض

لَقَدْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ عَلَىٰ أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ
٧
إِنَّا جَعَلْنَا فِيۤ أَعْناقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِىَ إِلَى ٱلأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ
٨
وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ
٩
-يس

تفسير كتاب الله العزيز

قال: { لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ }. يعني لقد سبق القول على أكثرهم أي: من لا يؤمن منهم. { فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }.
قوله: { إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ } أي: فهم فيما تدعوهم إليه من الهدى بمنزلة الذي في عنقه الغل، فهو لا يستطيع أن يبسط يده، أي: أنهم لا يقبلون الهدى، والمقمح، فيما ذكروا عن عبد الله بن مسعود? الذي غُلَّت يده إلى عنقه. وقال بعضهم: الأذقان: الوجوه، أي: غلّت يده فهي عند وجهه. وتفسير الحسن: المقمح: الطامح ببصره الذي لا يبصر موطئ قدمه، أي: حيث يطأ؛ أي: لا يبصر الهدى. وقال مجاهد: رافعو رؤوسهم وأيديهم موضوعة على أفواههم.
قال: { وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً } ذكروا عن عكرمة قال: { مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً } قال: ما صنع الله فهو سَد، وما صنع ابن آدم فهو سُد]. وقد قالوا:
{ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ } [فصّلت: 5] أي: فلا نبصر ما تقول.
قال: { فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } أي: الهدى. وهذا كلّه كقوله: { وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً } فلا يبصر الهدى بالكفر الذي عليه. قال:
{ فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللهِ } [الجاثية: 23] أي: لا أحد يهديه بعد أن يضلّه الله بفعله.
وبعضهم يقول: { وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً } أي: ما كان عليه آباؤهم { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } أي: من خلف آبائهم { سَدّاً } يعنيهم؛ وهو تكذيبهم بالبعث. { فَأَغْشَيْنَاهُمْ } يعني ظلمة الكفر بكفرهم، { فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } أي: لا يبصرون الهدى.