التفاسير

< >
عرض

فَٱسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ ٱلْبَنَاتُ وَلَهُمُ ٱلْبَنُونَ
١٤٩
أَمْ خَلَقْنَا ٱلْمَلاَئِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ
١٥٠
أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ
١٥١
وَلَدَ ٱللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
١٥٢
أَصْطَفَى ٱلْبَنَاتِ عَلَىٰ ٱلْبَنِينَ
١٥٣
مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ
١٥٤
أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ
١٥٥
أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ
١٥٦
فَأْتُواْ بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
١٥٧
وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ
١٥٨
سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ
١٥٩
إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ
١٦٠
فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ
١٦١
مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ
١٦٢
إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ ٱلْجَحِيمِ
١٦٣
-الصافات

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { فَاسْتَفْتِهِمْ } أي: فاسألهم، يعني المشركين { أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ } وذلك لقولهم إن الملائكة بنات الله. قال:{ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ } أي: البنات { وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى } أي: الغلمان { لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ } [النحل: 62].
قوله: { أَمْ خَلَقْنَا الْمَلآئِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ } أي: لخلقهم، أي: لم نفعل، ولم يشهدوا خلقهم، وهو كقوله:
{ وَجَعَلُوا الْمَلآئِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ } [الزخرف: 19] أي: لم يشهدوا خلقهم.
قال الله: { أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ } أي: من كذبهم { لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللهُ } أي: ولد البنات، يعنون الملائكة. قال: { وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }.
{ أَصْطَفَى الْبَنَاتِ } أي: أختار البنات { عَلَى البَنِينَ } أي: لم يفعل { مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ } أي: حجة بيّنة، على الاستفهام { فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ } أي: الذي فيه حجّتكم { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } أي: إن الملائكة بنات الله، أي: ليس لكم بذلك حجة.
قوله تعالى: { وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجِنَّةِ نَسَباً }. ذكروا أن اليهود قالت: إن الله صاهر الجن فكانت من بينهم الملائكة. قال الله: { وَلَقَدْ عَلِمَتِ الجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } أي: مدخلون في النار { سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ } ينزّه نفسه عما يكذبون.
وقال بعضهم: قال مشركو العرب: إنه صاهر الجن. وقال الجنُّ صِنف من الملائكة فكانت له منهم بنات.
قوله: { إِلاَّ عِبَادَ اللهِ المُخْلَصِينَ } أي: المؤمنين. وهذا من مقاديم الكلام يقول: { وَلَقَدْ عَلِمَتِ الجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } إِلاَّ عِبَادَ اللهِ المُخْلَصِينَ { سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ } يعني الذين جعلوا بينه وبين الجنة نسباً.
قوله: { فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجَحِيمِ } [قال الحسن: ما أنتم عليّ بفاتنين، يا بني إبليس، إنه ليس لكم سلطان إلا على من هو صال الجحيم].
وبعضهم يقول: { مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ } أي: ما أنتم بمضلّين أحداً يا بني إبليس، إلا من هو صال الجحيم بفعله.
وبعضهم يقول: فإنكم، يعني المشركين، وما تعبدون، يعني وما عبدوا. ما أنتم عليه، أي: على ما تعبدونه، بمضلّين أحداً إلا من قدِّر له أن يصلى الجحيم بفعله.