التفاسير

< >
عرض

قُلِ ٱللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي
١٤
فَٱعْبُدُواْ مَا شِئْتُمْ مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ
١٥
لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ
١٦
وَٱلَّذِينَ ٱجْتَنَبُواْ ٱلطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فَبَشِّرْ عِبَادِ
١٧
ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَاهُمُ ٱللَّهُ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمْ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ
١٨
أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي ٱلنَّارِ
١٩
لَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَعْدَ ٱللَّهِ لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ ٱلْمِيعَادَ
٢٠
-الزمر

تفسير كتاب الله العزيز

{ قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي فَاعْبُدُواْ مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ } وهذا وعيد هوله شديد، أي إنكم إن عبدتم من دونه عذبكم. { قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ } أي: المغبونين، وقال في موضع آخر: { ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ } [التغابن:9] { الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } أي: غبنوا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة { أَلاَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } أي: الغبن البيّن. خسروا أنفسهم فصاروا في النار، وخسروا أزواجهم من الحور العين.
إن الله جعل لكل أحد منزلاً في الجنة وأهلاً، فمن عمل بطاعة الله كان له ذلك المنزل والأهل، ومن عمل بمعصية الله صيّره الله إلى النار، وكان ذلك المنزل والأهل ميراثاً لمن عمل بطاعة الله إلى منازلهم وأهليهم التي جعلها لهم، فصار جميع ذلك لهم.
قوله: { لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ } كقوله:
{ لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } [الأعراف:41] { ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ } أي: لا تشركوا بي شيئاً ولا تعصمون.
قوله: { وَالَّذِينَ اجْتَنَبُواْ الطَّاغُوتَ } والطاغوت الشياطين { أَن يَّعْبُدُوهَا } وذلك أن الذين يعبدون الأوثان إنما يعبدون الشياطين لأنهم هم يدعونهم إلى عبادتها. قال: { وَأَنَابُواْ إِلَى اللهِ } أي: وأقبلوا مخلصين إلى الله { لَهُمُ الْبُشْرَى } أي: الجنة. قال: { فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } أي: بشرهم بالجنة. و (القول): كتاب الله، { فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } أي فيعملون بما أمرهم الله به فيه، وينتهون عما نهاهم الله عنه فيه. قال: { أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ } أي: أولو العقول.
قال: { أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ } أي: سبقت عليه كلمة العذاب { أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ } أي: تهدي من وجب عليه العذاب، أي لا تهديه. قال: { لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ } أي: أنهار الجنة. تجري في غير خدود، أي: في غير خنادق من الماء والعسل واللبن والخمر، وهو أبيض كله؛ فطينة النهر مسك أذفر، ورضراضه الدّرّ والياقوت، وحافاته قباب اللؤلؤ. { وَعْد اللهِ } الذي وعد المؤمنين، يعني الجنة. { لاَ يُخْلِفُ اللهُ الْمِيعَادَ }.