التفاسير

< >
عرض

فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً
٤١
يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً
٤٢
-النساء

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ } أي يوم القيامة يشهد على قومه أنه قد بلغهم. قال بعضهم: شاهدها نبيُّها من كل أمة. { وَجِئْنَا بِكَ } يا محمد { عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيداً }. قال: { يُوْمَئِذٍ يَوَدُّ الذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ }. قال بعضهم: ودّوا لو أن الارض تخرّقت بهم فساخوا فيها.
وقال بعضهم: إن الله إذا حشر الخلائق يوم القيامة قصَّ لبعضهم من بعض حتى يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء، ثم قال: كوني تراباً، يطأ عليهم أهل الجمع، هذا ما سوى الثقلين. فعند ذلك
{ وَيَقُولُ الكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً } [النبأ:40]. وهو قوله: { يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ }.
قوله: { وَلاَ يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً } ذكر أبو حازم عن ابن عباس في قوله:
{ وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [الأنعام:23] فبألسنتهم، وأما قوله: { وَلاَ يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً } فبجوارحهم.
ذكروا عن أبي موسى الأشعري قال: { قَالُوا وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } فختم الله على أفواههم فقال للجوارح انطقي، فإن أول ما يتكلم من أحدهم لفخذه، قال الحسن: نسيت اليمنى قال أم اليسرى. وهذا في سورة يس:
{ اليَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [يس:65]. وقال الحسن: في موطن لا يتكلمون ولا تسمع إلا همساً، أي وطء الأقدام، وفي موطن آخر يتكلمون فيكذبون، وَقَالُوا: { مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ } [النحل:28]، و { قَالُوا: وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [الأنعام:23]. وفي موطن يعترفون على أنفسهم بالكفر، ويسألون الله أن يردّهم إلى الدنيا فيؤمنوا. وآخر تلك المواطن أن يختم على أفواههم، وتتكلم أيديهم وأرجلهم.