التفاسير

< >
عرض

أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ آتَٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَٰهِيمَ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً
٥٤
فَمِنْهُمْ مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيراً
٥٥
إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَٰتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَٰهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً
٥٦
-النساء

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا ءَاتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ } قال الحسن: هم اليهود يحسدون محمداً وأصحابه على ما آتاهم الله من فضله في الدين.
قال الكلبي: الناس في هذه الآية محمد عليه السلام. قالت اليهود: انظروا إلى هذا الذي لا يشبع من الطعام. ولا والله ما له همٌّ إلا النساء؛ حسدوه لكثرة نسائه وعابوه بذلك، وقالوا: لو كان نبياً ما رغب في كثرة النساء. فأكذبهم الله فقال:
{ فَقَدْ ءَاتَيْنَا ءَالَ إِبْرَاهِيمَ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } يعني النبوة { وَءَاتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً } فسليمان بن داود من آل إبراهيم؛ وقد كان عند سليمان ألف امرأة، وعند داود مائة، فكيف يحسدونك يا محمد على تسع نسوة.
وقال الحسن: { وَءَاتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً }، ملك النبوّة.
قوله: { فَمِنْهُم مَّنْ ءَامَنَ بِهِ } أي بما أتاهم الله من النبوة والإِسلام. { وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ } قال مجاهد: فمنهم من آمن به، أي: بما أنزل على محمد، ومنهم من صدَّ عنه. قال: { وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً } أي لمن صدَّ عنه. وتأويل صدّ عنه: جحدوه.
قوله: { إِنَّ الذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا } أي: كلما احترقت جلودهم جدد الله لهم جلوداً أخرى. قال: { لِيَذُوقُوا العَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً }. أي عزيزاً في نقمته، حكيماً في أمره.
قال بعضهم: تأكل كل شيء حتى تنتهي إلى الفؤاد، فينضج الفؤاد، فلا يريد الله أن تأكل أفئدتهم؛ فإذا لم تجد شيئاً تتعلق به منهم خبت، وخبّوها: سكونها. ثم يعادون خلقاً جديداً؛ فتأكلهم كلما أعيد خلقهم.