قوله: { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا ءَاتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ } قال الحسن: هم
اليهود يحسدون محمداً وأصحابه على ما آتاهم الله من فضله في الدين.
قال الكلبي: الناس في هذه الآية محمد عليه السلام. قالت اليهود: انظروا إلى
هذا الذي لا يشبع من الطعام. ولا والله ما له همٌّ إلا النساء؛ حسدوه لكثرة نسائه
وعابوه بذلك، وقالوا: لو كان نبياً ما رغب في كثرة النساء. فأكذبهم الله فقال:
{ فَقَدْ ءَاتَيْنَا ءَالَ إِبْرَاهِيمَ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } يعني النبوة { وَءَاتَيْنَاهُم مُّلْكاً
عَظِيماً } فسليمان بن داود من آل إبراهيم؛ وقد كان عند سليمان ألف امرأة، وعند
داود مائة، فكيف يحسدونك يا محمد على تسع نسوة.
وقال الحسن: { وَءَاتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً }، ملك النبوّة.
قوله: { فَمِنْهُم مَّنْ ءَامَنَ بِهِ } أي بما أتاهم الله من النبوة والإِسلام. { وَمِنْهُم
مَّن صَدَّ عَنْهُ } قال مجاهد: فمنهم من آمن به، أي: بما أنزل على محمد، ومنهم من
صدَّ عنه. قال: { وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً } أي لمن صدَّ عنه. وتأويل صدّ عنه:
جحدوه.
قوله: { إِنَّ الذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم
بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا } أي: كلما احترقت جلودهم جدد الله لهم جلوداً أخرى. قال:
{ لِيَذُوقُوا العَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً }. أي عزيزاً في نقمته، حكيماً في أمره.
قال بعضهم: تأكل كل شيء حتى تنتهي إلى الفؤاد، فينضج الفؤاد، فلا
يريد الله أن تأكل أفئدتهم؛ فإذا لم تجد شيئاً تتعلق به منهم خبت، وخبّوها: سكونها.
ثم يعادون خلقاً جديداً؛ فتأكلهم كلما أعيد خلقهم.