التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ ٱلَّذِيۤ آمَنَ يٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِّثْلَ يَوْمِ ٱلأَحْزَابِ
٣٠
مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ
٣١
وَيٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ ٱلتَّنَادِ
٣٢
يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ
٣٣
وَلَقَدْ جَآءَكُـمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِٱلْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَآءَكُـمْ بِهِ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ ٱللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ
٣٤
-غافر

تفسير كتاب الله العزيز

{ وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ } أي: مثل عذاب الأمم الخالية. [ثم أخبر عن يوم الأحزاب] فقال: { مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ } فالدأب الفعل، أي: إني أخاف عليكم مثل عقوبة فعلهم، وهو ما أهلكهم الله به؛ يحذر قومه. قال: { وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ }. { وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ } قال بعضهم: يوم ينادي أهل الجنة أهل النار: { قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً } [الأعراف: 44]، وينادي أهل النار أهل الجنة: { أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ } [الأعراف:50]. وتفسير الكلبي: { يَوْمَ التَّنَادِ }، مشدّدة، أي يوم الفرار يوم يندّون كما يندّ البعير. قال ألا تراه يقول: { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ } أي: يوم الفرار. وتفسير مجاهد: { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ }، أي: فارّين غير معجزين. وقال بعضهم: { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ } أي: يوم ينطلق بهم إلى النار.
{ مَا لَكُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ } أي: يعصمكم، أي: من مانع يمنعكم من عذابه. { وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } أي: يهديه.
قوله: { وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ } [أي: من قبل موسى] { بِالْبَيِّنَاتِ } أي: بالهدى، والبينات: الحق. { فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً }. أي: إنه لم يكن برسول، فلن يبعث الله من بعده رسولاً، كقول مشركي العرب للنبي عليه السلام:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ } [الحجر:6]، وكقول فرعون: { إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ } [الشعراء:27] أي: فيما يدّعي.
قال: { كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ } أي: مشرك { مُّرْتَابٌ } أي: في شك من البعث، أي: يضله الله بشركه وتكذيبه وشكّه.