التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ مَكَّنَاهُمْ فِيمَآ إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُواْ يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَحَاقَ بِهم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
٢٦
وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلْقُرَىٰ وَصَرَّفْنَا ٱلآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
٢٧
فَلَوْلاَ نَصَرَهُمُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ قُرْبَاناً آلِهَةَ بَلْ ضَلُّواْ عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ
٢٨
-الأحقاف

تفسير كتاب الله العزيز

قال: { وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ } أي: فيما لم نمكنكم فيه، يعني مشركي العرب، كقوله: { كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَدًا } [التوبة:69].
قال: { وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِم } أي: ونزل بهم { مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون }. أي: نزل بهم عقوبة استهزائهم، يعني ما عذبهم به.
قوله: { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُم مِّنَ الْقُرَى } يقوله لأهل مكة، وهي أم القرى، منها دحيت الأرض، وما حولها البلاد كلها. أخبر بهلاك من أهلك. قال: { وَصَرَّفْنَا الآيَاتِ } أي: أخبرناكم كيف أهلكناهم. قال: { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } أي: لعل من بعدهم يرجعون إلى الإيمان، يحذرهم بذلك، كقوله:
{ وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ الأَمْثَالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا } [الفرقان:39]، وكقوله: { وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ } [إبراهيم:45] يعني ما أهلك به من قبلهم من الكفّار، يحذّرهم بهذا كله.
{ فَلَوْلاَ } أي: فهلا { نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً } يعني آلهتهم التي عبدوها من دون الله والتي يزعمون أنها تقربهم إلى الله زلفى ليصلح لهم معايشهم في الدنيا، ولم يكونوا يقرّون بالآخرة. قال: فهلاّ نصروهم إذ جاءهم العذاب. { بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ } أي: كذبهم { وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ }.
ذكروا عن عبد الله بن كثير المكّيّ أنه كان يقرأها: { وَذَلِكَ أَفْكَهُمْ } أي: صَدَّهم عن الهدى.