قوله عز وجل: { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ } [يعني متوادّين] { تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا } يعني يقيمون الصلوات الخمس
{ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا } أي: بالصلاة والصوم والدين كله { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ } قال بعضهم: يعرف الخشوع في وجوههم من أثر
الصلاة. وقال بعضهم: { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم }: في الآخرة يقومون غُرّاً محجّلين من
أثر الوضوء.
ذكروا عن أبي هريرة قال: يا رسول الله، كيف تعرف أمتك؟ قال: "يقومون غُرّاً
محجّلين من أثر الوضوء" .
قال: { ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ } أي: نعتهم في التوراة { وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ } أي: ونعتهم في الإنجيل؛ النعت الأول في التوراة، والنعت الآخر في
الإنجيل { كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ } أي: فراخه { فَآزَرَهُ } أي فشدَّهُ { فَاسْتَغْلَظَ }
أي: فاشتد، { فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ } أي: على قصبه، وقال بعضهم: على أصوله
{ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ } أي: كثرته وكمامه ونباته. { لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ } أي يخرجون
فيكونون قليلاً كالزرع حين يخرج ضعيفاً فيكثرون ويقوون فشبههم بالزرع؛ قال:
يعجب الزراع بهم؛ يعجبون رسول الله كما يعجب ذلك الزرع الزراع ليغيظ بهم
الكفار، أي ليغيظ بهم ربهم من كفر به؛ إنما يفعل ذلك بهم ليغيظ بهم الكفار.
{ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً } أي مغفرة الذنوب { وَأَجْرًا عَظِيمًا } [يعني الجنة].