قال تعالى: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ } أي الذين صدقوا الله
وصدقوا رسوله في كل ما تعبدهم به من قول وعمل { ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا } أي: لم يشكّوا
{ وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ } أي: الذين هذه صفتهم { هُمُ الصَّادِقُونَ } أي: المستكملو فرائض الله، الموفون بها، فهم المؤمنون؛ أي: ليسوا
كالمنافقين الذين أقروا بالله بألسنتهم وخالفوا النبي والمؤمنين في أعمالهم.
قوله عز وجل: { قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ } أي إن دينكم الذين عليه عقدكم
ترك الوفاء والتضييع والخيانة. قال تعالى: { وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }.
قوله عز وجل: { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لاَّ تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلاَمَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ } أي بأن هداكم للإيمان { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } أي:
إن كنتم مؤمنين. أي: إنكم لستم بصادقين ولستم بمؤمنين حتى تستكملوا القول
والعمل جميعاً. كقوله عز وجل: { يَا أَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُوا } أي: أقروا ولم يعملوا
{ اتَّقُوا اللهَ } أي: اخشوا الله { وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } أي: أهل الوفاء والاستكمال
لفرائض الله الذين صدقوا بالقول والعمل، وهم المؤمنون أهل الصدق والوفاء.
وقال الكلبي: هم المنافقون، وكانوا يكثرون على رسول الله صلى الله عليه وسلم كل يوم
ويقولون: أتيناك يا رسول الله بالذراري والأموال مسلمين، وإنما يأتيك من يأتيك على
رحالهم، فلنا عليك حق بإسلامنا وإقبالنا عليك بالذراري، وأكثروا في ذلك وقال
تعالى: { قُل لاَّ تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلاَمَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }. كانوا يحلفون بالله إنهم لمؤمنون وليسوا بمؤمنين. قال الكلبي: وهي
متصلة بالقصة الأولى؛ قالت الأعراب آمناً... إلى قوله: { قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللهَ
بِدِينِكُم }.