التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَرْفَعُوۤاْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ ٱلنَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُواْ لَهُ بِٱلْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ
٢
إِنَّ ٱلَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱمْتَحَنَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ
٣
-الحجرات

تفسير كتاب الله العزيز

قوله عز وجل: { يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ }.
تفسير الحسن أن أناساً من المنافقين كانوا يأتون النبي عليه السلام فيرفعون أصواتهم فوق صوته، يريدون بذلك أذاه والاستخفاف به. قال الحسن: نسبهم إلى ما أعطوه من الإيمان في الظاهر وما أقروا به من الفرائض فقال: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا }؛ وقد كان من المؤمنين من يرفع صوته فوق صوت النبي فلا ينهاه النبي عليه السلام عن ذلك، وإنما عنى بذلك المنافقين الذين يريدون أذاه والاستخفاف به.
قال تعالى: { وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ } أي: لا تقولوا له: يا محمد، وقولوا يا رسول الله ويا نبي الله.
وقال مجاهد: لا تنادوه بذلك، ولكن قولوا له قولاً ليّناً سهلاً: يا رسول الله. ثم قال: { إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ } [يعظِّمونه بذلك فلا يرفعونها عنده]. { أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ } أي: لذنوبهم { وَأَجْرٌ عَظِيمٌ } أي: ثواب عظيم، أي: الجنة.
وبلغنا أن ثابت بن قيس كان في أذنيه ثقل، وكان يرفع صوته عند رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال له رجل من قومه: إني لأراك تعيب على أصحابك من القول، وتأتي أسوأ ما يأتون. فقال له ثابت: وما ذلك؟ قال: ترفع فوق صوت النبي عليه السلام وتجهر له بالقول. فقال ثابت: يا رسول الله، أفيّ نزلت. قال: نعم. وهذا تفسير الكلبي: فقال ثابت: أما والذي أنزل عليك الكتاب لا أكلمك أبداً إلا سرّاً أو شبهه؟ فنزل عند ذلك { إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ... } الآية. فصار هذا أدباً من آداب الله أدّب به المؤمنين.