التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُواْ حَتَّىٰ تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٥
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوۤاْ أَن تُصِيبُواْ قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ
٦
-الحجرات

تفسير كتاب الله العزيز

قال عز وجل: { وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ } أي: تدفع إليهم ذراريهم بغير فداء { لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }.
قوله عز وجل: { يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا } وهي تقرأ على وجه آخر: فتثبتوا. والتبيين والتثبيت بمعنى واحد. { أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }.
تفسير الحسن أن الوليد بن عقبة جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن بني المصطلِق ارتدوا عن الإسلام ومنعوا الصدقة. فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فقال: انطلق وكن قريباً من القوم، ثم انظر هل لهم تهجد من الليل وأذان أو صلاة، تحسس من ذلك وانظر. فأتاهم خالد وأصحابه، ونزلوا قريباً من القوم ليلاً، فسمعوا تهجداً وصلاة من الليل، ثم سمعوا أذاناً لصلاة الصبح. فأتاهم فأخبرهم أن فاسقاً سعى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الوليد بن عقبة، فأخبره أنكم ارتددتم عن الإسلام، ومنعتم الصدقة. فبعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرني أن أكون قريباً وأتحسس وأنظر هل نسمع تهجداً أو صلاة أو أذاناً. فرحمكم الله وأصلحكم. فدعا لهم وودَّعهم. ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره بذلك؛ فأنزل الله هذه الآية. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتبيّنوا ويتثبّتوا ألا يصيبوا أحداً بجهالة.
وقال الكلبي: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق، وهي حي من خزاعة، ليأخذ منهم صدقاتهم، ففرحوا بذلك وركبوا يتلقونه. فبلغه أنهم قد ركبوا يتلقّونه. وكان بينهم ضغن في الجاهلية. فخاف الوليد أن يكونوا إنا ركبوا ليقتلوه. فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلقهم. فقال: يا رسول الله، إن بني المصطلِق منعوا زكاتهم وكفروا بعد إسلامهم. فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يهمّ أن يغزوهم إذ أتاه وفد من بني المصطلِق فقالوا: يا رسول الله، بلغنا أنك أرسلت إلينا من يأخذ صدقاتنا ففرحنا بذلك. وركبنا نتلقاه. فبلغناه أنه رجع، وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله. فأنزل الله عذرهم في هذه الآية. فقال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا }، يعني الوليد بن عقبة, وفسقه هذا فسق نفاق لا فسق شرك.