التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ
٨
فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ
٩
فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ
١٠
-النجم

تفسير كتاب الله العزيز

قال عز وجل: { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى } أي جبريل بالوحي إلى محمد { فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى } والقاب: القدر. وقال بعضهم قاب قوسين، أي: ذراعين (أَوْ أَدْنَى) أي: بل أدنى من ذراعين. { فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ } أي: إلى عبدالله { مَآ أَوْحَى }.
ذكروا عن عروة بن الزبير عن عائشة أن النبي عليه السلام كان أول شأنه أنه يرى في المنام. فكان أول ما رأى جبريل بأجياد، إنه خرج لبعض حاجته، فصرخ به جبريل: يا محمد، يا محمد. فنظر يميناً وشمالاً فلم ير شيئاً. فرفع بصره، فإذا هو بجبريل يلقي إحدى رجليه على الأخرى على أفق السماء. قال: يا محمد، جبريل، جبريل، يسكنه. فهرب محمد عليه السلام حتى دخل في الناس، فلم ير شيئاً. ثم خرج فنظر فرآه. وذلك قول الله عز وجل: { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عِنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى } عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى)، أي جبريل إلى محمد { فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى }. ويقال: إن القاب نصف الإصبع، وبعضهم يقول: ذراعين، كان بينهما. { فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَآ أَوْحَى }، أي جبريل إلى محمد عليهما السلام. وكانت عائشة رضي الله عنها تنكر أن محمداً رأى ربه. وكان عروة ينكر ذلك إنكاراً شديداً. قال: وكان المسلمون ينكرون ذلك إنككاراً شديداً. قال: وبيان ذلك في سورة إذا الشمس كورت في قوله تعالى:
{ فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِي الكُنَّسِ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } أي جبريل { ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُّطَاعٍ ثُمَّ } أي: في السماء { أَمِينٍ } أي: على ما أتى به من الوحي { وَمَا صَاحِبُكُمْ } يعني محمداً عليه السلام { بِمَجْنُونٍ وَلَقَدْ رَآهُ } أي رأى محمدٌ جبريلَ { بِالأُفُقِ الْمُبِينِ } [التكوير:15-23].