التفاسير

< >
عرض

أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنْثَىٰ
٢١
تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ
٢٢
إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰ
٢٣
-النجم

تفسير كتاب الله العزيز

{ أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى }، على الاستفهام. وذلك أنهم جعلوا الملائكة بنات الله، وجعلوا لأنفسهم الغلمان. قالوا إن الله صاحب بنات، فسموا هذه الأصنام فجعلوها إناثاً. قال الله: { أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى } أي: ليس كذلكم.
{ تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى } أي: جائرة. أي: قسمة جور في تفسير الحسن. يقول: إذ جعلوا لله البنات ولهم الغلمان. وقال مجاهد: ضيزى أي: معوجّة.
ثم قال الله: { إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم } يعني اللات والعزى ومناة { مَّآ أَنزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ } أي من حجة بأنها آلهة.
ثم قال للنبي عليه السلام: { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ } أي: إن ذلك منهم ظنّ { وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى } أي القرآن.
ذكروا عن أبي العالية الرياحي قال: كان النبي عليه السلام في المسجد الحرام يصلي وهو يقرأ سورة النجم. فلما أتى على هذه الآية: { أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى } ألقى الشيطان على لسانه: إنهن من الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى. فأعجب ذلك المشركين. وقرأ السورة حتى ختمها فسجد وسجد معه أهل مكة المؤمنون والمشركون، والجن والإنس، فأنزل الله:
{ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آيَاتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } يعني المنافقين { وَالقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ } [الحج:52-53] يعني المشركين. قوله: (إِذَا تَمَنَّى) أي: إذا قرأ، في تفسير بعضهم. وقال الكلبي: إذا حدّث نفسه.
وقال الكلبي: كان النبي عليه السلام يصلّي في البيت، والمشركون جلوس؛ فقرأ { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى } فحدّث نفسه، حتى إذا بلغ: { أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى } ألقى الشيطان على لسانه: فإنها من الغرانيق العلى، يعني الملائكة، وإن شفاعتهم ترتجى. وقال بعضهم: وإنها مع الغرانيق العلى، وإن شفاعتهم لترتجى.
وقال بعضهم: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المقام يصلّي، إذ نعس، فألقى الشيطان على لسانه كلمة فتكلّم بها، فتلقفها المشركون عليه: { أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى } وإنها مع الغرانيق العلى، فانزل الله: { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى... } الآية.
قال الكلبي: فلما انصرفَ النبي عليه السلام من صلاته قال المشركون: قد ذكر محمد آلهتنا بخير. فقال النبي عليه السلام: والله ما كذلك نزلت علي. فنزل عليه جبريل، فأخبره النبي عليه السلام فقال: والله ما هكذا علّمتك، وما جئت بها هكذا. فأنزل الله: { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ... } وقال الكلبي: { إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى } إن سأل شيئاً من الدنيا. فألقى الشيطان على لسانه هذا القول.
وقال بعضهم: وبلغنا أنه قوله تعالى: { وَإِذَا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ } أي: انقبضت
{ قُلُوبُ الذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الذِينَ مِن دُونِهِ } أي: أوثانهم { إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } [الزمر:45].