التفاسير

< >
عرض

وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى ٱلْحِنثِ ٱلْعَظِيمِ
٤٦
وَكَانُواْ يِقُولُونَ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ
٤٧
أَوَ آبَآؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ
٤٨
قُلْ إِنَّ ٱلأَوَّلِينَ وَٱلآخِرِينَ
٤٩
لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ
٥٠
ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا ٱلضِّآلُّونَ ٱلْمُكَذِّبُونَ
٥١
لأَكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ
٥٢
فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ
٥٣
فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْحَمِيمِ
٥٤
فَشَارِبُونَ شُرْبَ ٱلْهِيمِ
٥٥
هَـٰذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ ٱلدِّينِ
٥٦
-الواقعة

تفسير كتاب الله العزيز

قوله تعالى: { وَكَانُواْ يُصِرُّونَ } قال مجاهد: كانوا يقيمون { عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ } أي: الذنب الكبير، وهو الشرك.
{ وَكَانُواْ يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَ آبَاؤُنَا ألأَوَّلُونَ } أي: لا نبعث نحن ولا آباؤنا.
قال الله: { قُلْ } يا محمد { إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالأَخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعلُومٍ } أي: يوم القيامة.
{ ثُمَّ إِنَّكُم أَيُّهَا الضَّآلُّونَ الْمُكَذِّبُونَ لأَكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ }. ذكروا عن الأعمش قال: الهيم: إبل بها داء [الهيام] فإذا وجدت الماء كرعت فيه ولم ترفع رؤوسها حتى تموت. وتفسير الحسن: (الهِيمُ) الإِبل المراض التي تشرب حتى تنقطع أعناقها. وقال الكلبي: (الهِيمُ) الظمأى، أي: العطاش.
قال: { هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ } أي يوم الحساب، يوم يدين اللهُ الناسَ بأعمالهم.
وحدث عن علي بن أبي طالب أنه دخل عليه رجل بعدما صلى صلاة الصبح فقال: يا أمير المؤمنين، ما بلغ عطش أهل النار. قال: فغطى وجهه بثوب، ثم بكى. حتى تعالى النهار، ثم كشف الثوب عن وجهه فقال: أين السائل عن عطش أهل النار، تعال أخبرك بما سمعت من رسول الله صلى وهو يقول:
"إن أهل النار ليبكون الدموع في النار زماناً حتى تنفد الدموع، ثم يبكون الدم زماناً حتى ينفد الدم، ثم تقرح العيون فيصير عليها قرح فتستبين فيها القيح ما لو قذفت فيه السفن لجرت. قال: فيجتمعون فيقولون: يا معشر الأشقياء، نعم الزرع تزرعون لو كنتم في الدنيا المحروم أهلها. أما من أحد نستغيث به اليوم. فيقولون: ما نعلمه إلا أهل الجنة. يا معشر الآباء والأمهات، ويا معشر القرابة والأَنسبة، ألم نكن في الدنيا نتراحم، ألم نُسأل فنُعطِي، ألم نُظْلَم فنعفو. إنا خرجنا من الدنيا عطاشاً، وسكنا قبور عطاشاً، وخرجنا من القبور عطاشاً، ووقفنا طول الموقف عطاشاً، ثم سُحِبنا إلى النار على وجوهنا عطاشاً؛ فقد أحرقت القلوب، ونضجت الجلود، وعميت الأبصار. وصمّت الآذان، { أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ }. [الأعراف:50]. قال: ثم يؤذن لهم بالجواب، فيقولون: { إِنَّ اللهَ حَرَّمَهَا عَلَى الْكَافِرِينَ } قال: فعند ذلك انقطع رجاؤهم وينادون بالويل والثبور والشهيق" .