التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ
١٣
-الحديد

تفسير كتاب الله العزيز

{ يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ } أهل التضييع والخيانة من أهل الإقرار { لِلَّذِينَ آمَنُوا } وهم على الصراط، يقولون للمؤمنين إذا طَفِىءَ نورُهم { انظُرُونَا } [أي: انتظرونا] { نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ }. وذلك أنه يعطى كل مؤمن وكل منافق نوراً على الصراط، فيطفأ نور المنافقين ويبقى نور المؤمنين، فيقول المنافقون للمؤمنين { انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ } ويَحْسَبون أنه قبس كقبس الدنيا إذا طفئت نار أحدهم اقتبس فقال لهم المؤمنون، وقد عرفوا أنهم منافقون { ارْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ } أي إلى الدنيا { فَالْتَمِسُواْ نُوراً } أي: فمن ثَمَّ يكسب الإيمان الذي هو نور. فرجعوا وراءهم فلم يجدوا شيئاً. فهنالك أدركتهم خدعة الله. وخدعة الله إياهم قوله: { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ } [النساء:142].
ذكروا عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم... أعطى كل إنسان مؤمن ومنافق نوراً، وتغشى ظلمة معهم المنافقين على جسر جهنم، فيه كلاليب وحسك يأخذون من شاء الله. ثم يطفأ نور المنافقين وينجو نور المؤمنين. وينجو أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر سبعون ألفاً لا يحاسبون، ثم الذين يلونهم كأضوإ نجم في السماء أضاء. ثم كذلك [حتى] ينجو آخر زمرة.
وبلغنا أن النور الذي يعطى المؤمنون على قدر أعمالهم فيجوزون الصراط على قدر أعمالهم كالبرق وكالريح وكجواد الخيل وكجواد البهائم. ويسعى الرجل سعياً، ويمشي مشياً، وتزل قدم وتستمسك أخرى، ولا يجاوز نور أحدهم قدميه. وبعضهم يزحف زحفاً، وبعضهم يتلبّط على بطنه.
وقال الكلبي في الذي يزحف زحفاً: هم الذين { يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَآ }.
قوله عز وجل: { فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ } تفسير مجاهد: السور: الأعراف. { بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ } أي: الجنة { وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ } أي: النار.
قال بعضهم: بلغنا أنه جبل أُحُد. قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"أحد جبل يحبنا ونحبه. وإنه يمثل يوم القيامة بين الجنة والنار ويحبس عليه أقوام يعرفون بسيماهم هم إن شاء الله من أهل الجنة" .
وتفسير الحسن: إن السور فصل بين الجنة والنار.
وبلغنا أن أصحاب الأعراف يميل بهم الصراط مرة إلى الجنة ومرة إلى النار، ثم يصيرون إلى الجنة؛ وهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، وقد فسّرنا أمرهم في سورة الأعراف.