التفاسير

< >
عرض

ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي ٱلأَمْوَٰلِ وَٱلأَوْلَٰدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ ٱلْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَٰهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰماً وَفِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَٰنٌ وَمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ مَتَٰعُ ٱلْغُرُورِ
٢٠
سَابِقُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ
٢١
-الحديد

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { اعْلَمَُواْ أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ } أي: إنما أهل الدنيا أهل لعب ولهو، [يعني المشركين] { وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ } أي: مطر { أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ } يعني ما أنبتت الأرض من ذلك المطر { ثُمَّ يَهِيجُ } ذلك النبات { فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً } أي: يصفار { ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً } [أي: متكسّراً ذاهباً] كقوله: { هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ } [الكهف:45] { وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ } أي: للكافرين { وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانٌ } أي: للمؤمنين. { وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَآ إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ } أي: يغترّ بها أهلها.
ذكروا عن أبي عبد الله قال: سمعت أبا الدرداء يقول: الدنيا ملعونة وملعون ما فيها إلا ذكر الله، وما أوى إليه ذكر الله.
ذكرو عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر" .
قوله: { سَابِقُوا } أي: بالأعمال الصالحات { إلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَآءِ وَالأَرْضِ } يعني جميع السماوات وجميع الأرضين مبسوطات كل واحدة إلى جانب صاحبتها. هذا عرضها، ولا يصف أحد طولها. وقال في آية أخرى: { عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ والأَرْضُ } [آل عمران:133] أي: الأرضين السبع.
قال تعالى: { أُعِدَّت لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ }. ذكروا عن الحسن قال: أرض الجنة رخام من فضة، وترابها مسك أذفر أشد بياضاً من جواريكم هذه، وحيطانها لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وبلاطها المسك الأذفر. وجذوع نخلها ذهب، وسعفها حلل، ورطبها مثل قلال هجر، أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وألين من الزبد، وإن أدنى أهل الجنة منزلاً آخرهم دخولاً، فيعطى فيقال له: انظر ما أعطاك الله، فيفسح له في بصره فينظر إلى مسيرة خمسمائة سنة كله له، ليس فيه شبر إلا وهو عامر قصور الذهب والفضة وخيام الياقوت، فيه أزواجه وخدمه، يغدى عليه كلَّ يوم بسبعين ألف صحفة من ذهب، ويُراح عليه بمثلها، في كل واحدة منها لون ليس في صاحبتها، يأكل من آخرها كما يأكل من أولها. لو نزل به الجن في غداء واحد لوسعهم، ولا ينقص ذلك مما عنده شيئاً.
بلغنا أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله عز وجل: { وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ } قال:
"هي مائة درجة كل درجة منها عرضها السماوات والأرض" .
قال: { ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَّشآءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }.