التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٢٨
لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّن فَضْلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ
٢٩
-الحديد

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ } أي أجرين { وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ } أي: ويجعل لكم إيماناً [تهتدون به] كقوله عز وجل: { أَوَ مَن كَانَ مَيتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ } [الأنعام: 122] { وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } أي: لمن تاب.
قوله: { لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ } أي: ليعلم أهل الكتاب. وهذه كلمة عربية (لِئَلاَّ يَعْلَمَ) وَ (لِيَعْلَمَ) بمعنى واحد. وهو كقول الرجل: أجل، وأجل لا، ويقول الله: (لاَ أُقْسِمُ) وأقسم، وهذا قسم، وهو واحد. { أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ } أي: إنهم لا يقدرون على شيء. { مِّن فَضْلِ اللهِ }. قال تعالى: { وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَّشَآءُُ } ذكروا عن نافع عن [ابن عمر عن] النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إنما مثلكم ومثل اليهود والنصارى قبلكم كرجل استأجر عمالاً فقال: من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط قيراط, فعملت اليهود إلى نصف النهار. ثم قال: من يعمل من نصف النهار إلى العصر على قيراط قيراط، فعملت النصارى من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط. ثم قال: من يعمل لي من صلاة العصر إلى أن تغيب الشمس على قيراطين قيراطين. ألا وأنتم أصحاب القيراطين، ألا فلكم الأجر مرتين. فغضبت اليهود والنصارى فقالوا: نحن أكثر عملاً وأقل أجراً. قال: فهل ظلمتكم من حقكم شيئاً. قالوا: لا. قال: فهو فضلي أوتيه من أشاء" . قالت العلماء: فالنهار في هذا اثنتا عشرة ساعة. وكانت لليهود ست ساعات إلى نصف النهار. ثم كانت للنصارى من بعدها أربع ساعات من نصف النهار إلى صلاة العصر. ولأمة محمد عليه السلام ساعتان من صلاة العصر إلى أن تغيب الشمس.
ذكروا عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إنما آجالكم في آجال من مضى قبلكم كما بين صلاة العصر إلى أن تغيب الشمس" .
ذكروا عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً من آخر النهار حين صارت الشمس على سعف النخيل وعلى شرف المسجد: "إنما بقي من زمانكم هذا فيما مضى منه كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه" .
ذكروا عن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال: وقفت مع النبي عليه السلام عشية عرفة حتى إذا تدلت الشمس إلى الغروب واصفرت وعادت كالورس قال: "إنما بقي من الدنيا فيما مضى كما بقي من شمس يومنا هذا" .
قال: { وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } فلا أعظم منه ولا أجل سبحانه.