التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِي ٱلْمَجَالِسِ فَٱفْسَحُواْ يَفْسَحِ ٱللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ ٱنشُزُواْ فَانشُزُواْ يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
١١
-المجادلة

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِي المَجَالِسِ فَافْسَحُواْ يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُواْ فَانشُزُواْ }. قال الحسن: هذا في القتال؛ كانوا يكونون في مصافّهم فيجيء الرجل فيقول: وسّعوا، ولا يوسّعون له، كلهم يرغب في الشهادة، فأنزل الله: { يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِي المَجَالِسِ فَافْسَحُواْ يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُواْ فَانشُزُواْ } أي إذا قيل انهضوا إلى قتال عدوكم فانهضوا. ونظيرها في سورة آل عمران. { وَإِذْ غَدَوْتَ مِن أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ } [آل عمران:121] والمقاعد والمجالس واحد.
وتفسير مجاهد: يعني مجلس النبي عليه السلام { وَإِذَا قِيلَ انشُزُواْ فَانشُزُواْ } إلى كل خير من قتال عدو، أو أمر معروف ما كان.
وتفسير الكلبي: { يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِي المَجَالِسِ } أي: مجلس النبي عليه السلام { فَافْسَحُواْ يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُواْ } أي: ارتفعوا إلى الصلاة وإلى ما سواها من الخير فارتفعوا.
قال: { يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } أي: في الجنة { وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }.
ذكروا عن عبد الله بن مسعود قال: { يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } أي: على الذين آمنوا الذين ليسوا بعلماء.
ذكروا عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال: العالم أفضل من المجاهد؛ يقول الله عز وجل: { يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ } فقد دخل فيهم المجاهد، قال: { وَالَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } أي: على غيرهم.
وبلغنا عن رجل من أصحاب النبي عليه السلام أو التابعين قال: أفضل الناس العلماء والشهداء، أما العلماء فأخبروا بما جاءت به الرسل، وأما الشهداء فإنهم قاتلوا على ما جاءت به الرسل.
ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"فضل العالم أحب إلي من فضل العابد. قيل له: لِمَ؟ قال: لأنه أورع لله عن محارمه" .
ذكروا عن بعضهم قال: موت العالم أحب إلى إبليس من موت ألف عابد.
ذكروا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: معلِّم الخير يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر.
ذكر الزهري قال: ذهب أبي بن كعب ليركب، فأمسك له ابن عباس الركاب فقال له: مه يا ابن أخي. فقال له ابن عباس: إن الله يحب أن يعظم حق خيار المسلمين. وبلغنا أن النظر في وجه الفقيه عبادة.
ذكروا عن ليث بن أبي سليم عن عبد الله بن أبي سليم عن عمار بن ياسر قال: ثلاثة لا يَستخِفّ بحقّهم إلا منافق: الإِمام المقسط، وهو إمام الهدى، وذو الشيبة المسلم، ومعلّم الخير.
ذكروا ن أبي الدرداء قال: ويل لمن لا يعلم مرة، وويل لمن يعلم ولا يعمل سبع مرات.
ذكروا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة عالم لم ينفعه علمه" .
ذكروا عن أنس بن مالك أن رجلاً تجر مصارنه في النار يتأذى أهل النار من نتنه. قيل له: من هو؟ قال: من علم علمه ولم يعمل به.
ذكروا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إن الله يقول لرجل كان عالماً: ما صنعت فيما آتيتك؟ فيقول: بيّنت علمي وعبدتك حتى جاءني الموت. فيقول: كذبت، بل أردت أن يقال: فلان عالم، فلان مصل، وقد قيل ذلك، اذهبوا به إلى النار" .
ذكروا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من تعلّم العلم ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه فله النار" .
ذكروا بعضهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يبتغ العلم أو الحديث ليحدّث به الناس لم يرح رائحة الجنة" .
ذكروا عن أبي هريرة أنه قال: إن أخوف ما أخاف يوم القيامة أن يقال: يا عويمر، قد علمت، فماذا عملت فيما علمت.
يحيى عن الخليل بن مرة عن عمران القصير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"فضل العالم على العابد كفضلي على أدنى رجل من أصحابي" .