التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
٣
فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٤
-المجادلة

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ } أي: يعودون إلى ما حرّموا، أي: يريدون الوطء { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً }. ذكروا عن الحسن قال: الظهار من كل ذات محرم. ويقول: إذا جعل امرأته عليه كظهر فلانة، لِمحرَم منه، أو سمّى أمَّه، فهو ظهار.
قوله: { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ } قال بعضهم: يجزي الصبي في كفارة الظهار وكل نسمة، صغيرة أو كبيرة، فهي تجزي في عتق الظهار. ويجزي أيضاً عتق يهودي أو نصراني. ولا تجزى أم الولد ولا المدبَّر.
وكان إبراهيم يقول في الذي لا يجد رقبة فيصوم شهرين متتابعين، إن مرض قبل الفراغ من الشهرين وأفطر فإنه يستأنف الصوم شهرين متتابعين. وإن أيسر العتق قبل أن يفرغ من الشهرين أعتق.
وقال أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة: إذا صام فمرض قبل أن يفرغ من الشهرين، فإذا صح فليبن على ما صام قبل أن يمرض، فذلك يجزيه؛ وليس بأشدَّ من رمضان. وبهذا نأخذ، وعليه نعتمد وهو قول العامة من فقهائنا.
قوله: { فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً }.
ذكروا عن عطاء قال: سمعت أبا هريرة يقول: ثلاثة أشياء منهن مدّ مدّ: كفارة الظهار، وكفارة اليمين، وفدية الصيام.
ذكروا عن أبي زيد المدني أن رجلاً ظاهر من امرأته فلم يكن عنده ما يعتق ولم يستطع الصيام فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"تصدق بثلاثين صاعاً من شعير على ستين مسكيناً، ولكل مسكين مدان حتى يكون مكان كل مد مدان" .
ذكروا أن أوس بن الصامت ظاهر من امرأته، فلم يقدر على رقبة، فلم يستطع الصوم فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة عشر صاعاً من تمر فقال له: "تصدق به على ستين مسكيناً، ولكل مسكين مد" .
قال الحسن: إذا ظاهر الرجل من امرأته، فإن كان لم يمسّها قط فلا ظهار عليه، وإن كان قد مسّها مرة واحدة فعليه الكفارة.
قال إبراهيم: ليس في الأَمَة ظهار.
ذكروا عن نصر بن طريف عن عبد الله بن أبي مليكة عن ابن عباس قال: من شاء باهلته عند الحجرات أن الله لم يجعل في الأَمَةِ ظهاراً. والكوفيون يقولون: لا ظهار عليه من أمته إلا أن تكون زوجته أمة فيجب عليه منها الظهار لأنها زوجة. وقال أبو عبيدة: الظهار عليه من أمته زوجة كانت أو غير زوجة.
ذكر الحسن عن عمر بن الخطاب في رجل ظاهر من أربع نسوة بكلام واحد قال: عليه أربع كفارات. وقال بعضهم: إذا أجمل فكفارة واحدة، وإذا فرق فأربع كفارات، وهو قول أبي عبيدة والعامة من فقهائنا.
ذكروا عن علي قال: إذا ظاهر الرجل من امرأته مراراً في مقعد واحد في شيء واحد، فكفارة واحدة، وإذا ظاهر في مقاعد شتى في شيء واحد، فعليه كفارات شتى.
قوله عز وجل: { ذَلِكَ لِتُؤْمِنُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ } أي: أحكام الله التي حدَّ في الظهار من العتق والصيام والإطعام.
قال تعالى: { وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي: موجع.