التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
١١
لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ
١٢
-الحشر

تفسير كتاب الله العزيز

قول عز وجل: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن أَهْلِ الْكِتَابِ } تفسير الحسن: يعني قريظة والنضير { لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً } يقول المنافقون: لا نطيع فيكم محمداً وأصحابه { وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ } فاغترت قريظة بذلك { وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ }.
فأجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير إلى الشام فلم يخرجوا معهم، وقتل بني قريظة بعد ذلك بحكم سعد بن معاذ فلم يقاتلوا معهم.
قال الكلبي: كان بين إجلاء بني النضير وقتل بني قريظة سنتان. كانوا مقيمين بالمدينة بعد إجلاء بني النضير في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين. فلما سار أبو سفيان بالأحزاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم غدرت بنو قريظة نبيَّ الله، وقطعوا الحلف الذي كان بينه وبينهم. فلما هزم الله الأحزاب أمر الله نبيه أن يقاتل بني قريظة. فأرسل إليهم المنافقون: إن أراد محمد أن يخرجكم من المدينة كما أخرج بني النضير فلا تخرجوا، فوالله لئن خرجتم لنخرجن معكم وإن قوتلتم لننصرنكم. فاغتر بنو قريظة بذلك ولزموا حصونهم. فقاتلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريباً من شهر. وقذف الله في قلوبهم الرعب فلم ينصروهم. فلما رأت بنو قريظة أن المنافقين قد خذلوهم وأيسوا من نصرتهم نزلوا على حكم سعد بن معاذ، فحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم وتقسم أموالهم بين المهاجرين والأنصار.
ذكروا عن عبد الله عمر بن سعد بن معاذ عن أبيه أن سعداً لم يحكم فيهم، ولكن النبي عليه السلام أرسل إليه فجاء على حمار فقال:
"أشر علي فيهم. فقال سعد: لقد علمتُ أن الله أمرك فيهم بأمرٍ أنت فاعل ما أُمِرتَ به. قال: أشر علي فيهم. قال: لو وُليت أمرهم لقتلت مقاتلتهم وسبيت ذراريهم ونساءهم ولقسمت أموالهم. فقال النبي عليه السلام: والذي نفسي بيده لقد أشرت علي فيهم بالذي أمرني الله به فيهم" .
ذكروا عن عطية القرظي، وكان فيمن عرض على النبي عليه السلام يوم قريظة. فمن نبتت عانته قتل، ومن لم تنبت ترك. قال: فنظروا فإذا عانتي لم تنبت وتركت.