التفاسير

< >
عرض

وَلِتَصْغَىۤ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ
١١٣
أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ ٱلْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِٱلْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ
١١٤
وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
١١٥
وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ
١١٦
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ
١١٧
فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ
١١٨
-الأنعام

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ } يعني أفئدة المشركين تصغي إلى ما توحي إليها الشياطين وترضاه. والإِصغاء الميل. يقول: ولتصغى أي: ولتميل إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة. { وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ } أي: وليكتسبوا ما هم مكتسبون، أي سيعملون ما هم عاملون.
قوله: { أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الكِتَابَ مُفَصَّلاً } أي: مبيَّناً فصَّل فيه الهدى والضلالة والحلال والحرام.
قوله: { وَالَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالحَقِّ } يعني أهل الدراسة من أهل الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحقّ { فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ } أي من الشاكّين [أن هذا القرآن من عند الله وأن الدارسين من أهل الكتاب يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالحَقِّ].
قوله: { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً } فيما وعد { وَعَدْلاً } فيما حكم. وقال الحسن: صدقاً وعدلاً بالوعد والوعيد الذي جاء من عند الله. { لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ }. فيما وعد، كقوله:
{ لاَ تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ مَا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } [سورة ق:28-29]. قوله: { وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ } أي لا أسمع منه ولا أعلم منه.
قوله: { وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللهِ } لأن المشركين كانوا يدعونه إلى عبادة الأوثان. { إِن يَتَّبِعُونَ } بعبادتهم الأوثان { إِلاَّ الظَّنَّ } أي: ادَّعوا أنهم آلهة بظنٍّ منهم. { وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } أي إِلا يكذبون.
قوله: { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ } أي: فهو أعلم أن محمداً على الهدى وأن المشركين هم الذين ضلَّوا عن سبيله.
قوله: { فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ } [يعني ما أدرك ذكاته]. قال الحسن: وذلك أن مشركي العرب كانوا يأكلون الميتة والدم والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع، فحرَّم الله ذلك كله إلا ما أدرك ذكاته. قال الله:
{ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ } [المائدة:3] قال: { إِن كُنتُم بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ }.