التفاسير

< >
عرض

وَكَذٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَٰدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ
١٣٧
وَقَالُواْ هَـٰذِهِ أَنْعَٰمٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَآ إِلاَّ مَن نَّشَآءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَٰمٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَٰمٌ لاَّ يَذْكُرُونَ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا ٱفْتِرَآءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ
١٣٨
-الأنعام

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ المُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ } يعني الشياطين الذين عبدوهم من دون الله، لأن الشياطين هي التي حملتهم على عبادة أوثانهم، وإنما عبدوا الشياطين. قال الله: { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً } أي: أمواتاً، يعني أوثانهم، { وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً } [النساء:117] وقال: { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي ءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ } [يس:60] وقال: { بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الجِنَّ } أي الشياطين من الجن. [سبأ:41].
وقال مجاهد: شركاؤهم: شياطينهم، أمروهم بقتل أولادهم خشية العَيْلة. وقال بعضهم: { وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ المُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ } يقول: شركاؤهم زيّنوا لهم قتل أولادهم.
قال: { لِيُرْدُّوهُمْ } أي ليبعدوهم عن الله. وقال بعضهم: ليُهْلِكوهم، وهو واحد. { وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ } أي وليخلطوا عليهم دينهم الذي أمرهم الله به. أي الإِسلام. { وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا فَعَلُوهُ } كقوله:
{ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لأَمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً } [يونس:99]. قال: { فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ }.
قوله: { وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ } أي حرام { لاَ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَن نَّشَاءُ بِزَعْمِهِمْ } وهذا ما كان يأكل الرجال دون النساء، وتفسيره في الآية التي بعد هذه. قال: { وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا } وهو الحام في تفسير الكلبي. وقال الحسن: { وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا } هو ما حرَّموا من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام. وقد فسّرنا أمر الحام في سورة المائدة.
قوله: { وَأَنْعَامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا } قال الحسن: هو ما استحلوا من أكل الميتة وأشباه ذلك. وهو قوله:
{ وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ } [الأنعام: 121]. قال: { افْتِرَاءً عَلَيْهِ } أي على الله { سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ } زعموا أن الله أمرهم بهذا.