قوله: { وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ } [إلى الدنيا] { وَلاَ
نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ }.
قال الله: { بَلْ بَدَا لَهُم } في الآخرة { مَّا كَانُوا يُخْفُونَ } ما كان يخفيه
بعضهم إلى بعض { مِن قَبْلُ } إذ كانوا في الدنيا وكانوا يكذبون بالبعث.
وقال بعضهم: هم المنافقون؛ وليس تكذيبهم هذا تكذيباً بالبعث، ولكنه
بالعمل الذي لم يكمّلوه، ولم يتمّوا فرائضه.
ومن قال: إنها في المنافقين فيقول: إن التكذيب تكذيبان: تكذيب بالبعث
الذي فيه جزاء الأعمال، وهو تكذيب المشركين، والمنافقون منه برآء. وتكذيب آخر،
هو تكذيب المنافقين، وهو ترك الوفاء وانتقاص الفرائض التي لا يكون أهلها مؤمنين
إلا باستكمالها. فالمنافقون مكذّبون بهذه الجهة وبهذا المعنى، لا على الإِنكار
والجحود، لكن على ترك الوفاء واستكمال الفرائض كان تكذيبهم.
قوله: { وَلَوْ رُدُّوا } إلى الدنيا { لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ } من التكذيب { وَإِنَّهُمْ
لَكَاذِبُونَ } أي إنهم لم يكونوا ليؤمنوا؛ أخبر بعلمه فيهم.
{ وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } أي يكذبون بالبعث.
قال: { وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ } الذي كنتم
تكذبون به إذ أنتم في الدنيا { قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا } فآمنوا حيث لا ينفعهم الإِيمان.
{ قَالَ فَذُوقُوا العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } أي في الدنيا.