التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا جَآءَكُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَٱمْتَحِنُوهُنَّ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلْكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ ٱلْكَوَافِرِ وَاسْأَلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُواْ مَآ أَنفَقُواْ ذَلِكُمْ حُكْمُ ٱللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
١٠
-الممتحنة

تفسير كتاب الله العزيز

قوله عز وجل: { يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَآءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ } وهذه في نساء أهل العهد من المشركين، وكانت محنتهن في تفسير بعضهم أن يستحلفن بالله ما أخرجكن النشوز، وما أخرجكن إلا حب الإِسلام، والحرص عليه. وفسر الحسن أن المرأة من نساء من كان بينه وبين رسول الله عهد إذا جاءت إلى النبي عليه السلام لم يقبلها حتى تحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما جاءت ناشزة عن زوجها، ولا جاءت إلا راغبة في الإسلام. فإذا حلفت قَبِلَهَا. وهو قوله: (فَامْتَحِنُوهُنَّ).
قوله: { اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ } أي: بصدقهن أو كذبهن { فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ } أي: إذا أقررن لكم بالإِسلام وحلفن بالله ما أخرجهن النشوز وما أخرجهن إلا الحرص على الإِسلام وحبه.
فأما إذا كانت من غير أهل العهد لم تمتحن ولم ترد على زوجها شيئاً إذا تزوّجت.
ذكروا عن عكرمة قال: كان العبد إذا جاء إلى النبي عليه السلام مسلماً ومولاه مشرك كان حراً. وقال بعضهم: أظن هذا إذا لم يكن سيده من أهل العهد.
ذكروا عن جابر بن عبد الله أن مملوكاً بايع النبي عليه السلام، فلم يعلم النبي عليه السلام أنه عبد. ثم علم النبي عليه السلام فاشتراه من سيده بغلامين [ثم لم يبايع أحداً حتى يعلم] قال بعضهم: أظن أن سيده من أهل العهد.
قال عز وجل: { فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وآتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } أي: لا إثم عليكم { أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } أي: إذا أعطيتموهن مهورهن { وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ } يعني كوافر العرب اللائي ليس لهن كتاب يفترينه إذا أبين أن يسلمن أن يخلى سبيلهن.
{ وَاسْأَلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُواْ مَآ أَنفَقُواْ ذَلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }، [وهذا حكم حكمه الله بين أهل الهدى وأهل الضلالة] أي: من أسلم وعنده مشركة عرض عليها الإسلام، فإن أسلمت فهي امرأته، وإلا فهي منه بريئة. وقال بعضهم: كن إذا فررن إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجهن من أهل العهد فتزوّجوهن بعثوا بمهورهن إلى أزواجهن [من المشركين. وإذا فررن من أصحاب رسول الله إلى الكفار الذين بينهم وبين رسول الله عهد فتزوجوهن بعثوا بمهورهن إلى أزواجهن] من المسلمين. فكان هذا بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أهل العهد من المشركين. ثم نسخ هذا الحكم وهذا العهد في براءة فنُبِذَ إلى كل ذي عهد عهدُه، فقال عز وجل في سورة براءة:
{ فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } [التوبة:5].