التفاسير

< >
عرض

وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى ٱلْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُواْ ٱلَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِّثْلَ مَآ أَنفَقُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ أَنتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ
١١
-الممتحنة

تفسير كتاب الله العزيز

قوله عز وجل: { وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إَلَى الْكُفَّارِ } أي إلى الذين ليس بينكم وبينهم عهد { فَعَاقَبْتُمْ } أي فغنمتم، وقال مجاهد: فأصبتم { فَآتُواْ الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُم } يعني من أصحاب النبي عليه السلام { مِّثْلَ مَآ أَنَفَقُواْ وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ }.
فكانوا إذا غنموا غنيمة أعطوا زوجها صداقها الذي كان ساق إليها من جميع الغنيمة، ثم تقسم الغنيمة بعدُ. ثم نسخ ذلك مع العهد والحكم بقوله في هذه الآية:
{ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ } [الأنفال:41]، فجعل خمس الغنيمة لهؤلاء، وما بقي من الغنيمة الأربعة أخماس لأهل القتال.
وإذا أسلم الرجل وعنده امرأتان أو ثلاثة أو أربعة فأسلمن معه أقام عليهن, فإن كن أكثر من أربعة اختار منهم أربعاً.
ذكر سالم بن عبدالله بن عمر عن أبيه أن رجلاً من ثقيف يقال له غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة فأسلمن معه فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعاً.
ذكر قرة بن خالد عن سهيل بن علي النسري قال: لما كان يوم الفتح وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم عند عتبة بن عمر خمس نسوة فأمره أن يطلق إحداهن، فطلق دجاجة بنت أسماء بن الصلت، فخلف عليها عامر بن كريز فولدت له عبد الله بن عامر.
قال بعضهم: فإذا أسلم الرجل وعنده أختان فأسلمتا اختار أيتهما شاء فأمسكها. ذكروا عن الضحاك بن فيروز الديلمي قال: أسلم أبي وعنده أختان فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلق إحداهما.
وإذا أسلم الزوجان معاً جميعاً، أو الرجل ونساؤه إن كانت عنده امرأتان أو ثلاث أو أربع فأسلمن معه جميعاً أقام عليهن جميعاً. فإن كن أكثر من ذلك اختار منهن أربعاً.
وبعضهم يقول في هذا كله: يحبس الأوائل الأربع من النسوة ويطلق الأواخر من النسوة والآخرة من الاختين، يقولون: كل ما لا يصلح نكاحه في الإِسلام فهو الذي يفارق، وكل ما كان يصلح نكاحه في الإِسلام يحبس. والأثر عن النبي عليه السلام جاء من غير وجه كما ذكرناه أولاً.
وإذا أسلمت امرأة قبل زوجها بانت منه بواحدة. فإذا أسلم خطبها فتكون عنده على اثنتين. وبعضهم يقول: إذا أسلم في عدتها فهو أحق بها. وفيه اختلاف.
ذكروا عن الزهري أن سهيل بن عمرو وعكرمة بن أبي جهل أسلمت امرأتاهما فأقاما على نكاحها.
ذكر غير واحد من العلماء أن زينب بنت النبي هاجرت، ثم أسلم زوجها العاص بن ربيعة فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم جاءت براءة، فإذا أسلمت امرأة قبل زوجها فهي تطليقة بائنة فلا سبيل له عليها إلا بخطبة.
ذكروا عن ابن عباس أن المرأة إذا أسلمت قبل زوجها فرق بينهما.
ذكروا عن سعيد بن المسيب عن علي قال: هو أحق بها ما كان في دار الهجرة. وقال بعضهم: في دار هجرتها.
ذكروا عن عبد الله بن يزيد الخطمي أن امرأة أسلمت ثم أسلم زوجها فخيَّرَها عمر بن الخطاب. ذكر بعضهم قال: يعرض عليه الإسلام فإن أسلم فهما على نكاحهما، وإلا فرّق بينهما.
وإن كان الزوجان يهوديين أو نصرانيين فأسلم الزوج قبل المرأة فهما على نكاحهما.
ذكروا عن عكرمة عن ابن عباس قال: الإسلام يظهر ولا يظهر عليه. إذا أسلم الرجل قبل امرأته فهما على نكاحهما، يعني اليهوديين. فإن أسلمت المرأة قبله فرق بينهما. وفي هذا اختلاف مثل الاختلاف في نساء العرب إذا أسلمن قبل أزواجهن.
وقال الحسن في المجوسيين إذا أسلما جميعاً فهما على نكاحهما. وإذا أسلم أحدهما قبل الآخر فرق بينهما.
وإذا ارتد الرجل عن الإِسلام وله امرأة مسلمة فإن امرأته لا تتزوج ولا تعتد حتى يعرض عليه الإسلام. فإن طال ذلك، فإن تاب فهي امرأته وهما على نكاحهما، وإن أبى أن يتوب قُتِل، واعتدت امرأته عدة المطلقة. وإن ارتد والتحق بالشرك فإنها تعتد وتتزوج.
وقال الحسن في النصرانية تسلم قبل أن يدخل زوجها الإِسلام وهو نصراني إنه يفرق بينهما، ولا شيء له. ذكر بعضهم قال: إن أبى أن يسلم فلها نصف الصداق لأن الإِباء جاء من قِبَله.