التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُمْ مِّنَ ٱلْحَقِّ يُخْرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ وَأَنَاْ أَعْلَمُ بِمَآ أَخْفَيْتُمْ وَمَآ أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ
١
إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَآءً وَيَبْسُطُوۤاْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِٱلسُّوۤءِ وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ
٢
لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
٣
-الممتحنة

تفسير كتاب الله العزيز

تفسير سورة الممتحنة، وهي مدنية كلها
{ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } قوله عز وجل: { يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ } [يعني في الدين] { تُلْقُونَ إلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ } أي في الدنيا { وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَآءَكُم مِّنَ الْحَقِّ } أي: القرآن { يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ } أي أخرجوا الرسل { أَن تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ } أي: إنهم أخرجوكم من مكة لأنكم آمنتم بربكم.
ثم قال تعالى: { إِنْ كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَآءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ } وبأخبار النبي عليه السلام والمؤمنين. { وَأَنَا اعْلَمُ بِمَآ أَخْفَيْتُمْ وَمَآ أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ } أي: ومن ينافق منكم. { فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السَّبِيلِ } أي: قصد الطريق طريق الهدى.
{ إِن يَثَقَفُوكُمْ } أي: إن يظفروا بكم { يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَآءً وَيَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ } أي يقاتلوكم { وَأَلْسِنَتَهُم } أي: ويبسطوا إليكم ألسنتهم { بِالسُّوءِ } أي: بالشتم { وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ }
قال: { لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ } أي: بين المؤمنين وبين المشركين، فيدخل المؤمنين الجنة ويدخل المشركين النار. قال تعالى: { وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }.
نزلت الآية في أمر حاطب بن أبي بلتعة. تفسير الكلبي أن حاطب بن أبي بلتعة كتب إلى أهل مكة أن محمداً قد نفر. ولا أدري إليكم يريد أم غيركم، فعليكم بالحذر. وكتب مع امرأة مولاة لبني هاشم وجعل لها جعلا، وجعلت الكتاب في خمارها. فجاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبها عليّاً ورجلاً آخر ففتّشاها فلم يجدا معها شيئاً. فأراد صاحبه الرجوع فأبى علي. وسل عليها السيف وقال: ما كَذَبت ولا كُذبت. فأخذت عليهما عهدا إن أعطته إياهما ألا يردّاها. فأخرجت الكتاب من خمارها.
قال الكلبي: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم [إلى حاطب. فلما حضر] قال: هل تعرف هذا الكتاب يا حاطب. قال: نعم. قال: فما حملك على هذا. قال: أما والذي أنزل عليك الكتاب ما كفرت منذ آمنت، ولا أحببتهم منذ فارقتهم، ولم يكن من أصحابك أحد إلا وله بمكة من يمنع الذي له غيري، فأحببت أن أتخذ عندهم مودّة، وقد علمت أن الله منزل عليهم بأسه ونقمته، وإن كتابي لن يغني عنهم شيئاً، فصدّقه رسول الله وعذره، فأنزل الله فيه هذا.