التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٨
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
٩
فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
١٠
-الجمعة

تفسير كتاب الله العزيز

قال عز وجل: { قُلْ } يا محمد { إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ } أي يوم القيامة { إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ } (الغيْب). السر، (وَالشَّهَادَة): العلانية { فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }.
قوله عز وجل: { يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ } يعني صلاة الجمعة. وهي في حرف ابن مسعود: فامضوا إلى ذكر الله. وقال بعضهم: فامشوا إلى ذكر الله، ذكروا عن الحسن في قوله: { فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ } قال: السعي بالقلوب والسعي بالنيات.
قوله عز وجل: { وَذَرُواْ الْبَيْعَ } ذكروا عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: إذا أذن المؤذن يوم الجمعة حرم البيع. قال بعضهم: إنما يقال ذلك لأن الشمس إذا زالت يوم الجمعة جاء وقت الصلاة. وإنما هو قدر ما يتهيأ للجمعة إذا انتصف النهار. ويستحب تعجيل الجمعة إذا زالت الشمس ليس كصلاة الظهر.
قال عز وجل: { ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }. ذكروا عن محمد بن عبد الرحمن عن زرارة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من ترك الجمعة ثلاثاً من غير عذر كتب من المنافقين" . ذكروا عن ابن عباس قال: من ترك أربع جمع من غير عذر طبع الله على قلبه.
قوله عز وجل: { فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانتَشِرُواْ فِي الأَرْضِ وَابْتَغُواْ مِن فَضْلِ اللهِ } أي: من رزق الله. { وَاذْكُرُواْ اللهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }. رخّص لهم أن ينتشروا إذا صلوا إن شاءوا، فإن أقاموا على ذلك كان أفضل لهم.
ذكر بعضهم قال: أربع أمر بهن في القرآن لسن بفرائض، من شاء فعلهن ومن شاء لم يفعلهن: هذه الآية، وقوله عز وجل:
{ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ } [المائدة: 2]؛ إن شاء اصطاد وإن شاء لم يفعل، وقوله عز وجل: { فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً } [النور:33]؛ إن شاء كاتب مملوكه وإن شاء لم يفعل، ويستحب له أن يفعل، وليس بحتم. وقوله عز وجل: { وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ } [البقرة:241] إن شاء متع وإن شاء لم يمتع، ويستحب له أن يفعل، وليس يحتم، إلا أن يطلق قبل أن يدخل بها ولم يفرض، فتلك التي لها المتعة واجبة.